109

ʿUlūm al-ḥadīth

علوم الحديث

Editor

نور الدين عتر

Publisher

دار الفكر- سوريا

Publisher Location

دار الفكر المعاصر - بيروت

الظَّاهِرِ، وَهُوَ الْمَسْتُورُ، فَقَدْ قَالَ بَعْضُ أَئِمَّتِنَا: " الْمَسْتُورُ مَنْ يَكُونُ عَدْلًا فِي الظَّاهِرِ، وَلَا تُعْرَفَ عَدَالَةُ بَاطِنِهِ ". فَهَذَا الْمَجْهُولُ يَحْتَجُّ بِرِوَايَتِهِ بَعْضُ مَنْ رَدَّ رِوَايَةَ الْأَوَّلِ، وَهُوَ قَوْلُ بَعْضِ الشَّافِعِيِّينَ وَبِهِ قَطَعَ مِنْهُمُ الْإِمَامُ سُلَيْمُ بْنُ أَيُّوبَ الرَّازِيُّ، قَالَ: " لِأَنَّ أَمْرَ الْأَخْبَارِ مَبْنِيٌّ عَلَى حُسْنِ الظَّنِّ بِالرَّاوِي؛ وَلِأَنَّ رِوَايَةَ الْأَخْبَارِ تَكُونُ عِنْدَ مَنْ يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ مَعْرِفَةُ الْعَدَالَةِ فِي الْبَاطِنِ، فَاقْتُصِرَ فِيهَا عَلَى مَعْرِفَةِ ذَلِكَ فِي الظَّاهِرِ، وَتُفَارِقُ الشَّهَادَةَ فَإِنَّهَا تَكُونُ عِنْدَ الْحُكَّامِ، وَلَا يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ، فَاعْتُبِرَ فِيهَا الْعَدَالَةُ فِي الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ ".
قُلْتُ: وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْعَمَلُ عَلَى هَذَا الرَّأْيِ فِي كَثِيرٍ مِنْ كُتُبِ الْحَدِيثِ الْمَشْهُورَةِ فِي غَيْرِ وَاحِدٍ مِنَ الرُّوَاةِ الَّذِينَ تَقَادَمَ الْعَهْدُ بِهِمْ، وَتَعَذَّرَتِ الْخِبْرَةُ الْبَاطِنَةُ بِهِمْ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
(الثَّالِثُ): الْمَجْهُولُ الْعَيْنِ، وَقَدْ يَقْبَلُ رِوَايَةَ الْمَجْهُولِ الْعَدَالَةِ مَنْ لَا يَقْبَلُ رِوَايَةَ الْمَجْهُولِ الْعَيْنِ، وَمَنْ رَوَى عَنْهُ عَدْلَانِ وَعَيَّنَاهُ فَقَدِ ارْتَفَعَتْ عَنْهُ هَذِهِ الْجَهَالَةُ.
ذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ الْبَغْدَادِيُّ فِي أَجْوِبَةِ مَسَائِلَ سُئِلَ عَنْهَا أَنَّ الْمَجْهُولَ عِنْدَ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ هُوَ كُلُّ مَنْ لَمْ تَعْرِفْهُ الْعُلَمَاءُ، وَمَنْ لَمْ

1 / 112