149

al-Muntaqa sarh Muwattaʾ

المنتقى شرح موطأ

Publisher

مطبعة السعادة

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٣٣٢ هـ

Publisher Location

بجوار محافظة مصر

(ص): (مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِي حَازِمٍ التَّمَّارِ عَنْ الْبَيَاضِيِّ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ خَرَجَ عَلَى النَّاسِ وَهُمْ يُصَلُّونَ وَقَدْ عَلَتْ أَصْوَاتُهُمْ بِالْقِرَاءَةِ فَقَالَ إنَّ الْمُصَلِّيَ يُنَاجِي رَبَّهُ فَلْيَنْظُرْ بِمَا يُنَاجِيهِ بِهِ ولَا يَجْهَرْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ بِالْقُرْآنِ») . (ص): (مَالِكٌ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ قُمْت وَرَاءَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ فَكُلُّهُمْ كَانَ لَا يَقْرَأُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إذَا افْتَتَحُوا الصَّلَاةَ) . ــ [المنتقى] الظَّاهِرِ إلَّا بِدَلِيلٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (ش): قَوْلُهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ خَرَجَ عَلَى النَّاسِ وَهُمْ يُصَلُّونَ وَقَدْ عَلَتْ أَصْوَاتُهُمْ بِالْقِرَاءَةِ ظَاهِرُهُ أَنَّ صَلَاتَهُمْ كَانَتْ نَافِلَةً لَمَعَانٍ: أَحَدُهَا: أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ فَرِيضَةً لَأَمَّهُمْ فِيهَا النَّبِيُّ ﷺ. وَالثَّانِي: عُلُوُّ أَصْوَاتِهِمْ وَقِرَاءَةُ جَمِيعِهِمْ وَلَوْ كَانَتْ فَرِيضَةً لَرَفَعَ صَوْتَهُ الْإِمَامُ وَحْدَهُ لِأَنَّ الْمَعْهُودَ أَنَّهُمْ كَانُوا يُصَلُّونَ الْفَرِيضَةَ بِصَلَاةِ النَّبِيِّ ﷺ أَوْ بِصَلَاةِ إمَامٍ وَقَدْ بُيِّنَ فِي حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي رَمَضَانَ لِأَنَّ النَّبِيَّ ﷺ لَمْ يَكُنْ جَمَعَهُمْ عَلَى إمَامٍ فِي نَوَافِلِ رَمَضَانَ. (فَصْلٌ): وَقَوْلُهُ ﷺ «أَنَّ الْمُصَلِّيَ يُنَاجِي رَبَّهُ» تَنْبِيهٌ عَلَى مَعْنَى الصَّلَاةِ وَالْمَقْصُودُ بِهَا لِيَكْثُرَ مَعْنَى الِاحْتِرَازِ مِنْ الْأُمُورِ الْمَكْرُوهَةِ الْمُدْخِلَةِ لِلنَّقْصِ فِيهَا وَالْإِقْبَالَ عَلَى أُمُورِ الطَّاعَةِ الْمُتَمِّمَةِ لَهَا. (فَصْلٌ): وَقَوْلُهُ بِمَا يُنَاجِيهِ بِهِ وَإِنْ كَانَ الْقُرْآنُ قِرَاءَةَ جَمِيعِهِمْ، وَقِرَاءَةُ كُلٍّ طَاعَةٌ وَقُرْبَةٌ فَإِنَّمَا أَرَادَ بِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنْ لَا يُنَاجِيَهُ بِهِ عَلَى وَجْهٍ مَكْرُوهٍ مِنْ رَفْعِ صَوْتِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ وَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ ﷺ «وَلَا يَجْهَرْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ بِالْقُرْآنِ» لِأَنَّ فِي ذَلِكَ إيذَاءَ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ وَمَنْعًا مِنْ الْإِقْبَالِ عَلَى الصَّلَاةِ وَتَفْرِيغِ السِّرِّ لَهَا وَتَأَمُّلِ مَا يُنَاجِي بِهِ رَبَّهُ مِنْ الْقُرْآنِ وَإِذَا كَانَ رَفْعُ الصَّوْتِ بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ مَمْنُوعًا حِينَئِذٍ لِإِذَايَةِ الْمُصَلِّينَ فَبِأَنْ يُمْنَعَ رَفْعُ الصَّوْتِ بِالْحَدِيثِ وَغَيْرِهِ أَوْلَى وَأَحْرَى لِمَا ذَكَرْنَاهُ وَلِأَنَّ فِي ذَلِكَ اسْتِخْفَافًا بِالْمَسَاجِدِ وَاطِّرَاحًا لِتَوْقِيرِهَا وَتَنْزِيهِهَا الْوَاجِبِ وَإِفْرَادِهَا لِمَا بُنِيَتْ لَهُ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى قَالَ اللَّهُ الْعَظِيمُ ﴿وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا﴾ [الحج: ٤٠] . (مَسْأَلَةٌ): وَأَمَّا قِرَاءَةُ الْإِمَامِ فِيمَا يُجْهَرُ بِهِ مِنْ الْفَرَائِضِ فَلَا بَأْسَ بِرَفْعِ الصَّوْتِ بِالْقِرَاءَةِ لِمَنْ تَنَفَّلَ فِي بَيْتِهِ وَلَعَلَّهُ أَنْشَطُ لَهُ وَأَقْوَى وَزَادَ فِي الْمُخْتَصَرِ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ. (ش): قَوْلُهُ قُمْت وَرَاءَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ يُرِيدُ الْقِيَامَ وَرَاءَهُمْ فِي الصَّفِّ وَذَلِكَ هَيْئَتُهُ وَهُوَ أَنْ يَقِفَ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ الْوُقُوفَ الْمُعْتَادَ وَلَيْسَ عَلَيْهِ اسْتِعْمَالُ الِاعْتِمَادِ عَلَى رِجْلَيْهِ جَمِيعًا فَيَقْرِنُهُمَا وَيُحَرِّكُهُمَا وَلَا بَأْسَ أَنْ يُرَوِّحَ إحْدَى رِجْلَيْهِ وَيَعْتَمِدَ عَلَى الْأُخْرَى وَيُقَدِّمَ إحْدَاهُمَا وَيُؤَخِّرَ الْأُخْرَى لِأَنَّ هَذَا هُوَ الْوُقُوفُ الْمُعْتَادُ الْعَارِي عَنْ الِاسْتِعْمَالِ. (فَصْلٌ): وَقَوْلُهُ فَكُلُّهُمْ كَانَ لَا يَقْرَأُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إذَا افْتَتَحُوا الصَّلَاةَ يَقْتَضِي نَفْيَ ذَلِكَ جُمْلَةً وَذَلِكَ يَكُونُ فِي وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ يُخْبِرَهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَنْ فِعْلِهِ فِي السِّرِّ وَيَدُلُّ ذَلِكَ عَلَى اهْتِمَامِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ﵀ بِهَذَا الْحُكْمِ وَتَتَبُّعِ فِعْلِ الْخُلَفَاءِ فِيهِ. وَالثَّانِي: فِيمَا جَهَرُوا وَذَلِكَ أَنْ يَسْمَعَ قِرَاءَتَهُمْ لِأُمِّ الْقُرْآنِ بِإِثْرِ فَرَاغِهِمْ مِنْ الْإِحْرَامِ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ فَيَعْلَمَ بِذَلِكَ أَنَّهُمْ لَمْ يَقْرَؤُهَا وَهَذَا الْحَدِيثُ الَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ مَالِكٌ مِنْ تَرْكِ قِرَاءَةِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فِي الْفَرِيضَةِ فَلَا يَقْرَؤُهَا سِرًّا وَلَا جَهْرًا. وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ عَنْهُ وَرَوَى عَنْهُ ابْنُ نَافِعٍ فِي الْمَبْسُوطِ إنْ جَهَرَ فِي الْمَكْتُوبَةِ بِبَسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فَلَا حَرَجَ عَلَيْهِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ تَجِبُ الْقِرَاءَةُ بِهَا فِيمَا يَجْهَرُ فِيهِ الْإِمَامُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يَقْرَأُ بِهَا سِرًّا وَلَا يَجْهَرُ بِهَا وَاخْتَلَفَ قَوْلُهُمْ فِي ذَلِكَ لِاخْتِلَافِهِمْ فِي أَصْلٍ بُنِيَتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ وَذَلِكَ أَنَّ مَالِكًا ﵀ ذَهَبَ إلَى أَنَّ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ لَيْسَتْ بِآيَةٍ مِنْ الْقُرْآنِ.

1 / 150