ووفقني لشد الرحال إلى محال الترحال، حتى رأيت الأفاضل، والمقانع قبل أن تصير الديار منهم بلاقع، واجتمع عندي من مكتوم الفوائد، ومختوم الزوائد، وفقر المسموعات، وبقر المجموعات، ما لا أعلمه اجتمع لواحد من أبناء العصر، إلا من شاء الله من أهل الدهر، وإذ حصل الإسناد لي بعلو، ولم آمن كون الأجل مني في دنو، اقتضى الحزم تأكيد العزم على تخريج كتب لطاف في أنواع وأصناف فسح بها الخاطر، وتحرك بطلبها الضرائر، فسارت في الأمصار، وانتشرت بعض الانتشار، ثم لما أعدت تصفح ما أعددت أردت أن أجمع شيوخي الذين لقيتهم حضرا وسفرا، ورتبت أسماءهم على الحروف المعجمة في أوائل أسمائهم، ثم عقبت ذلك بحديث النساء على الحروف أيضا، فأذكر الشيخ وأسوق نسبه حسب ما ذكر لي، وأذكر سيرته وأشرح حاله، وأذكر الكتب والأجزاء التي سمعتها منه، وأذكر أسماء الذين اتصل سماع الكتاب منهم مني إلى مصنفه، وأذكر شيوخه الذين سمع منهم، وأروي في ترجمته حديثا أو حديثين، وزيادة إلى العشرة على قدر علو سنده، وحكاية وإنشادا من أعلى ما وقع إلي منه من المنثورات، وأذكر الموضع الذي رأيته فيه، ووقت ولادته ووفاته إن كنت على علم منه أو بلغني ذلك.
والله تعالى يرحمهم حيا وميتا، ويغفر لهم، ويتجاوز عنا وعنهم بفضله وسعة
1 / 114