لماذا اخترتني لأكون بطل روايتك؟
قال لي: أنت تشبه اللعبة القديمة من السوق العتيق، تشتريها الأرملة لأولادها الثمانية. لعبة واحدة تكفيهم؛ شعرها من الصوف الإنجليزي الثقيل، جسدها مكسو بالقماش التركي الخشن، عيونها أزرار معطف فرنسي قديم. تصبح اللعبة الولد التاسع في البيت.
يتقاسمها الأولاد بالوقت والمكان، بالحياة؛ وهم يركضون فتركض معهم، وهم يستحمون في الوعاء الأحمر تقاسمهم فقاعات الصابون.
اللعبة لا تبرد ولا تمرض؛ الأولاد الثمانية يصلحون وجهها، ويحيكون لها كل يوم ثوبا جديدا من دفاتر المدرسة؛ تجدها يوما تلبس قميصا مرصعا بعبارات النحو والصرف، ويوما تجدها بثياب ورقية تعج بالمعادلات الرياضية.
تجدها تجلس فوق الخزانة. كل يوم لها اسم جديد حسب القصة التي ترويها أمهم قبل النوم.
تكتم أخطاءهم الصغيرة؛ من سرقة الكعك، من كسر الأقلام، من ضرب حجارة الشارع بالحذاء الجديد، المشي تحت المطر وتحطيم كل نصائح الأم بالحفاظ على ملابسهم لتصمد ليوم العيد ... هذا الولد التاسع هو بنك من الأسرار لتفاصيلهم الثمانية.
الجميل أن هذه اللعبة لا تموت؛ تورث كالأرض، كالبيت، كالبندقية المصرية التي حارب بها الأب أمام جيش الهاجانا أيام النكبة، تورث للأحفاد. (يذهب الأولاد الثمانية، وتبقى اللعبة (الولد التاسع) في شوارع الحي تتجول.)
رغم أن الألعاب البلاستيكية سهلة الشراء، يمكنك شراء ثماني قطع لولد واحد. يكون الأب سعيدا وابنه يحطمها واحدة تلو الأخرى.
يذكرني هذه التطور في الألعاب بسيدة تضع تسعة أجنة (أطفال الأنابيب)، كلها تتساقط إلا جنينا واحدا يشبه الولد التاسع (اللعبة القديمة). الحاجة وقتها لاقتناء هذه التحفة؛ تنفخ بها روح الصمود ومقاومة النخيل للريح.
أنت يا بطلي لا بد أن تكون مثل الولد التاسع.
Unknown page