10) من المسائل الخلافية التي ليست من أصول الدين ولكن لها تأثير ذو بال في تغيير مجرى الحياة العامة في الإسلام وهي مسألة الصحابة :فالأباضية المتقدمون يرضون عنهم إلا من أحدث ما يخالف ظاهر الدين وأصر على ذلك ولم يتب . وأما إذا تاب كعائشة أم المؤمنين في توبتها من موافقة طلحة والزبير عند خروجهما من الإمام علي بن أبي طالب في وقعة الجمل فإنهم يرضون عنها وعن كل تائب من عمله الخاطئ . والمتأخرون منهم يرون التوقف وعدم الخوض أولى . والأشعرية يعذرون الصحابة جميعا ويرضون عنهم جميعا . كذا قيل والذي أراه أنهم كذلك إلا في قسم الصحابة المخالفين للإمام علي بن أبي طالب فإنهم يرضون عن معاوية ولا ينتقدون أتباعه من أنهم أشد الناس عداوة للإمام الشرعي ابن أبي طالب . فقد سن معاوية شتم الإمام على المنابر واستمر العمل بهذه السنة السيئة في بني أمية إلى أيام الخليفة عمر بن عبد العزيز فإنه رحمه الله قطعها وأبدلها بآية قرآنية وهي قوله تعالى ( إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون ) ولنعم ما فعل هذا الإمام العادل النادر المثال في ملوك المسلمين وأئمتهم . ولكنا نراهم يسخطون ولا يرضون عن أهل النهروان والنخيلة وينسبونهم إلى الخطأ والزلل مع أن أكثرهم أو قادتهم على الأقل من أصحاب رسول الله وخيارهم ومن أعلمهم بالحلال والحرام وأشدهم تمسكا بدين الله . وقد روى التاريخ ، أن الإمام عليا ندم على قتالهم يوم " النهروان " ندما شديدا وسمعه جم غفير يردد تأبينهم بقوله والله لأنتم أسود النهار رهبان الليل ولأنتم أصحاب الدار يوم الدار وأصحاب الجمل يوم الجمل وأصحاب صفين يوم صفين وأصحاب القرآن إذا تلي القرآن الخ .. إن أجهل تماما السبب الحامل للأشعرية في هذا التفريق بين الصحابة والخوض في شأن بعضهم دون بعض خلافا لقاعدة مذهبهم .
Page 79