يقول: لا تخونوها لا تنقصوها" وقال عروة ١: "أي لا تظهروا له ما يرضى به عنكم ثم تخالفوه في السر إلى غيره، فذاك هلاك لأمانتكم". وقوله: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ﴾ ٢ أي: اختبار ليعلم أتشكروه أم لا، قال ابن مسعود ٣: "ما منكم أحد إلا وهو مشتمل على فتنة، فأيكم استعاذ فليستعذ بالله من مضلات الفتن".
وقوله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾ ٤ أي: فصلا بين الحق والباطل، وقيل: نصرا، وقيل: نجاة، والأول أعم؛ فإن من اتقى وفق لمعرفة الحق، فكان ذلك سبب نصره ونجاته من شدائد الدنيا والآخرة وتكفير ذنوبه -وهو محوها- وغفرانها، وهو سترها عن الناس.
ثم قال: ﴿وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ﴾ ٥ هذه الآية نزلت في تشاورهم في دار الندوة في شأنه لما أراد الهجرة، هل يثبتونه أي يحبسونه ويوثقونه ٦، أو يقتلونه، أو يخرجونه أي ينفونه من مكة. والقصة مذكورة في السيرة بطولها ٧. يقول الله تعالى: واذكر نعمته عليك وعلى المسلمين إذ خلصتك من تلك الشدة، ومكرت بهم بكيدي المتين.
ثم قال: ﴿وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا قَالُوا قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا
_________
١ ابن كثير: ٢/٣٠١ مع زيادة كلمة "من الحق".
٢ سورة الأنفال آية: ٢٨.
٣ ابن جرير: ٩/٢٢٤ مع زيادة حرف "من" في "من أحد".
٤ سورة الأنفال آية: ٢٩.
٥ سورة الأنفال آية: ٣٠.
٦ في الأصل: ويوثقوه.
٧ انظر مثلا سيرة ابن هشام: ٢/٩٢- ٩٥.
1 / 14