Mukhtasar Tafsir Ibn Kathir
مختصر تفسير ابن كثير
Publisher
دار القرآن الكريم
Edition Number
السابعة
Publication Year
1402 AH
Publisher Location
بيروت
- ٦٣ - وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ
- ٦٤ - ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَلَوْلاَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنْتُم مِّنَ الْخَاسِرِينَ ⦗٧٣⦘
يَقُولُ تَعَالَى مذكِّرًا بَنِي إِسْرَائِيلَ مَا أَخَذَ عليهم من العهود والمواثيق، بالإيمان وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَاتِّبَاعِ رُسُلِهِ، وَأَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّهُ لَمَّا أَخَذَ عَلَيْهِمُ الْمِيثَاقَ رَفَعَ الجبل فوق رؤوسهم، ليقروا بما عوهدوا عليه يأخذوه بقوة وحزم وَامْتِثَالٍ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَإِذ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ خُذُواْ مَآ آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ فالطُّور هو الجبل كما فسَّره به في الأعراف، وَقَالَ السُّدِّيُّ: فَلَمَّا أَبَوْا أَنْ يَسْجُدُوا أَمَرَ اللَّهُ الْجَبَلَ أَنْ يَقَعَ عَلَيْهِمْ، فَنَظَرُوا إِلَيْهِ وَقَدْ غَشِيَهُمْ، فَسَقَطُوا سُجَّدًا فَسَجَدُوا عَلَى شِقٍّ وَنَظَرُوا بِالشِّقِّ الْآخَرِ، فَرَحِمَهُمُ اللَّهُ فَكَشَفَهُ عَنْهُمْ فَقَالُوا: وَاللَّهِ مَا سَجْدَةٌ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ مِنْ سَجْدَةٍ كَشَفَ بِهَا الْعَذَابَ عَنْهُمْ فَهُمْ يسجدون كذلك، وذلك قول الله تعالى: ﴿وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّور﴾، ﴿خُذُواْ مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ﴾، يعني التوراة، قال أبو العالية: (بِقُوَّةٍ) أَيْ بِطَاعَةٍ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: (بِقُوَّةٍ) بعملٍ بما فيه، وقال قتادة: الْقُوَّةُ: الْجِدُّ وَإِلَّا قَذَفْتُهُ عَلَيْكُمْ، قَالَ: فَأَقَرُّوا أَنَّهُمْ يَأْخُذُونَ مَا أُوتُوا بِقُوَّةٍ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ وَإِلَّا قَذَفْتُهُ عَلَيْكُمْ أَيْ أَسْقَطْتُهُ عَلَيْكُمْ، يَعْنِي الجبل، ﴿واذكروا مَا فِيهِ﴾ يقول: اقرأوا مَا فِي التَّوْرَاةِ وَاعْمَلُوا بِهِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَلَوْلاَ فَضْلُ الله﴾ يَقُولُ تَعَالَى ثُمَّ بَعْدَ هَذَا الْمِيثَاقِ الْمُؤَكَّدِ الْعَظِيمِ، تَوَلَّيْتُمْ عَنْهُ وَانْثَنَيْتُمْ وَنَقَضْتُمُوهُ ﴿فَلَوْلاَ فَضْلُ الله عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ﴾ أي بتوبته عَلَيْكُمْ وَإِرْسَالُهُ النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ إِلَيْكُمْ ﴿لَكُنْتُم مِّنَ الْخَاسِرِينَ﴾ بِنَقْضِكُمْ ذَلِكَ الْمِيثَاقَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.
1 / 72