186

Mukhtaṣar Tafsīr Ibn Kathīr

مختصر تفسير ابن كثير

Publisher

دار القرآن الكريم

Edition Number

السابعة

Publication Year

1402 AH

Publisher Location

بيروت

Genres

Tafsīr
الدُّنْيَا ﴿وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللَّهِ﴾ أَيْ يَحِلُّ عَلَيْهِمْ رِضْوَانُهُ فَلَا يَسْخَطُ عَلَيْهِمْ بَعْدَهُ أَبَدًا، وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى الَّتِي فِي براءة ﴿وَرِضْوَانٌ مِّنَ الله أكبرْ أَيْ أَعْظَمُ مِمَّا أَعْطَاهُمْ مِنَ النَّعِيمِ الْمُقِيمِ، ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: ﴿وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ﴾ أَيْ يُعْطِي كُلًّا بِحَسْبِ مَا يَسْتَحِقُّهُ مِنَ الْعَطَاءِ.
- ١٦ - الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَآ إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ
- ١٧ - الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ والمنفقين والمستغفرين بالأسحار
يصف ﵎ عِبَادَهُ الْمُتَّقِينَ الَّذِينَ وَعَدَهُمُ الثَّوَابَ الْجَزِيلَ فَقَالَ تَعَالَى: ﴿الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَآ إِنَّنَآ آمَنَّا﴾ أَيْ بِكَ وَبِكِتَابِكَ وَبِرَسُولِكَ، ﴿فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا﴾ أَيْ بِإِيمَانِنَا بِكَ وَبِمَا شَرَعْتَهُ لَنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذنوبنا بِفَضْلِكَ وَرَحْمَتِكَ ﴿وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾ ثُمَّ قَالَ تعالى: ﴿الصَّابِرِينَ﴾ أَيْ فِي قِيَامِهِمْ بِالطَّاعَاتِ وَتَرْكِهِمُ الْمُحَرَّمَاتِ، ﴿وَالصَّادِقِينَ﴾ فِيمَا أَخْبَرُوا بِهِ مِنْ إِيمَانِهِمْ بِمَا يلتزمونه من لأعمال الشَّاقَّةِ، ﴿وَالْقَانِتِينَ﴾ وَالْقُنُوتُ: الطَّاعَةُ وَالْخُضُوعُ، ﴿وَالْمُنْفِقِينَ﴾ أَيْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فِي جَمِيعِ مَا أُمِرُوا بِهِ من الطاعات، وصلة الأرحام والقرابات، وَسَدِّ الخِّلات، وَمُوَاسَاةِ ذَوِي الْحَاجَاتِ، ﴿وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ﴾ دَلَّ عَلَى فَضِيلَةِ الِاسْتِغْفَارِ وَقْتَ الْأَسْحَارِ، وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ يَعْقُوبَ ﵇ لَمَّا قَالَ لبينه: ﴿سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ ربي﴾ أَنَّهُ أَخَّرَهُمْ إِلَى وَقْتِ السَّحَرِ، وَثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: "يَنْزِلُ اللَّهُ ﵎ فِي كل ليلة إلى السماء الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الْأَخِيرِ، فَيَقُولُ: هَلْ مِنْ سَائِلٍ فَأُعْطِيَهُ هَلْ مِنْ دَاعٍ فَأَسْتَجِيبَ لَهُ؟ هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ فَأَغْفِرَ له؟ ".
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ ﵂ قَالَتْ: مِنْ كُلِّ اللَّيْلِ قَدْ أَوْتَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، مِنْ أَوَّلِهِ وَأَوْسَطِهِ وَآخِرِهِ، فَانْتَهَى وِتْرُهُ إِلَى السَّحَرِ. وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ ثُمَّ يَقُولُ: يَا نَافِعُ هَلْ جَاءَ السَّحَرُ؟ فَإِذَا قَالَ: نَعَمْ، أَقْبَلَ عَلَى الدُّعَاءِ وَالِاسْتِغْفَارِ حَتَّى يُصْبِحَ (رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ) وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ حَاطِبٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ رَجُلًا فِي السَّحَرِ فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ وهو يقول: يا رب أمرتني فأطعتك، وهذا السحر فاغفر لي، فنظرت فإذا هو ابن مسعود ﵁، وعن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كُنَّا نُؤْمَرُ إِذَا صَلَّيْنَا مِنَ اللَّيْلِ أَنْ نَسْتَغْفِرَ فِي آخِرِ السحر سبعين مرة (رواه ابن مردويه)
- ١٨ - شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلَّا هُوَ والملائكة وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمًَا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ
- ١٩ - إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَآءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ
- ٢٠ - فَإنْ حَآجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ للَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُلْ لِّلَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُواْ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ

1 / 271