146

Mukhtasar Tafsir Ibn Kathir

مختصر تفسير ابن كثير

Publisher

دار القرآن الكريم

Edition Number

السابعة

Publication Year

1402 AH

Publisher Location

بيروت

Genres

Tafsīr
- ٢٣٢ - وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِالْلَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ والله يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ
قال ابْنِ عَبَّاسٍ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي الرَّجُلِ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ طَلْقَةً أَوْ طَلْقَتَيْنِ فَتَنْقَضِي عِدَّتُهَا ثم يبدوا لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا وَأَنْ يُرَاجِعَهَا وَتُرِيدَ الْمَرْأَةُ ذَلِكَ فَيَمْنَعُهَا أَوْلِيَاؤُهَا مِنْ ذَلِكَ فَنَهَى اللَّهُ أن يمنعوها، والذي قاله ظَاهِرٌ مِنَ الْآيَةِ، وَفِيهَا دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تَمْلِكُ أَنْ تُزَوِّجَ نَفْسَهَا، وَأَنَّهُ لا بد في النكاح من ولي، وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ نِزَاعٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ مُحَرَّرٌ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ كُتُبِ الْفُرُوعِ، وَقَدْ قَرَّرْنَا ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْأَحْكَامُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ.
⦗٢١١⦘ وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي (معقل بن يسار المزني﴾ وأُخته. روى الترمذي عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّهُ زَوَّجَ أُخْتَهُ رَجُلًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَكَانَتْ عِنْدَهُ مَا كَانَتْ، ثُمَّ طَلَّقَهَا تَطْلِيقَةً لَمْ يُرَاجِعْهَا حَتَّى انقضت عدتها، فَهَوِيَهَا وَهَوِيَتْهُ ثُمَّ خَطَبَهَا مَعَ الْخُطَّابِ، فَقَالَ له: يا لكع ابن لُكَعُ أَكْرَمْتُكَ بِهَا وَزَوَّجْتُكَهَا فَطَلَّقْتَهَا، وَاللَّهِ لَا تَرْجِعُ إِلَيْكَ أَبَدًا آخِرُ مَا عَلَيْكَ، قَالَ فَعَلِمَ اللَّهُ حَاجَتَهُ إِلَيْهَا وَحَاجَتَهَا إِلَى بَعْلِهَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ﴾، إِلَى قَوْلِهِ: ﴿وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ﴾، فَلَمَّا سَمِعَهَا مَعْقِلٌ قَالَ: سَمْعٌ لِرَبِّي وَطَاعَةٌ ثُمَّ دَعَاهُ فقال: أزوجك وأكرمك (رواه أبو داود والترمذي وابن ماجة واللفظ للترمذي).
وقوله تعالى: ﴿ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ مِنكُمْ يُؤْمِنُ بِالْلَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾ أَيْ هَذَا الَّذِي نَهَيْنَاكُمْ عَنْهُ مِنْ مَنْعِ الْوَلَايَا أَنْ يَتَزَوَّجْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ، يَأْتَمِرُ بِهِ وَيَتَّعِظُ بِهِ وَيَنْفَعِلُ لَهُ ﴿مَنْ كَانَ مِنْكُمْ﴾ أَيُّهَا النَّاسُ ﴿يُؤْمِنُ بِالْلَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾ أَيْ يُؤْمِنُ بِشَرْعِ اللَّهِ وَيَخَافُ وَعِيدَ اللَّهِ وَعَذَابَهُ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ وَمَا فِيهَا مِنَ الْجَزَاءِ ﴿ذَلِكُمْ أزكى لَكُمْ وأطهر﴾ أي اتبعاكم شَرْعَ اللَّهِ فِي رَدِّ الْمُولِيَاتِ إِلَى أَزْوَاجِهِنَّ، وَتَرْكِ الحَمِيَّة فِي ذَلِكَ ﴿أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ﴾ لِقُلُوبِكُمْ ﴿وَاللَّهُ يَعْلَمُ﴾ أَيْ مِنَ الْمَصَالِحِ فِيمَا يأمر به وينهى عنه ﴿وأنت لاَ تَعْلَمُونَ﴾ أَيِ الْخَيْرَةُ فِيمَا تَأْتُونَ وَلَا فيما تذرون.

1 / 210