Mukhtasar Tafsir Al-Baghawi, also known as Ma'alim at-Tanzil

Abdullah Al-Zaid d. Unknown
19

Mukhtasar Tafsir Al-Baghawi, also known as Ma'alim at-Tanzil

مختصر تفسير البغوي المسمى بمعالم التنزيل

Publisher

دار السلام للنشر والتوزيع

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤١٦هـ

Publisher Location

الرياض

Genres

اللَّهُ تَعَالَى: ﴿أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ﴾ [البقرة: ٣٣] يَا مَلَائِكَتِي ﴿إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ [البقرة: ٣٣] مَا كَانَ مِنْهُمَا وَمَا يَكُونُ ﴿وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ﴾ [البقرة: ٣٣] قَالَ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ: يَعْنِي قَوْلَهُمْ: أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا، ﴿وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ﴾ [البقرة: ٣٣] قَوْلَكُمْ لَنْ يَخْلُقَ اللَّهُ خَلْقًا أَكْرَمَ عَلَيْهِ مِنَّا، قَالَ ابْنُ عباس هُوَ: أَنَّ إِبْلِيسَ مَرَّ عَلَى جسد آدم لَا رُوحَ فِيهِ، فَقَالَ: لِأَمْرٍ مَا خُلِقَ هَذَا، ثُمَّ دَخَلَ فِي فِيهِ وَخَرَجَ مِنْ دُبُرِهِ، وَقَالَ: إِنَّهُ خَلْقٌ لَا يَتَمَاسَكُ لِأَنَّهُ أَجْوَفُ، ثُمَّ قَالَ لِلْمَلَائِكَةِ الَّذِينَ مَعَهُ: أَرَأَيْتُمْ إِنْ فُضِّلَ هَذَا عَلَيْكُمْ وَأُمِرْتُمْ بِطَاعَتِهِ مَاذَا تَصْنَعُونَ؟ قَالُوا: نُطِيعُ أَمْرَ رَبِّنَا، فَقَالَ إِبْلِيسُ فِي نَفْسِهِ: وَاللَّهِ لَئِنْ سُلِّطْتُ عَلَيْهِ لَأُهْلِكَنَّهُ وَلَئِنْ سُلِّطَ عَلَيَّ لَأَعْصِيَنَّهُ، فَقَالَ اللَّهُ تعالى: ﴿وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ﴾ [البقرة: ٣٣] يَعْنِي مَا تُبْدِيهِ الْمَلَائِكَةُ مِنَ الطاعة، ﴿وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ﴾ [البقرة: ٣٣] يعني إبليس من المعصية. [٣٤] وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ﴾ [البقرة: ٣٤] اختلفوا في هذا الخطاب مع الْمَلَائِكَةِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعَ الَّذِينَ كَانُوا سُكَّانَ الْأَرْضِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ مَعَ جَمِيعِ الْمَلَائِكَةِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ﴾ [الْحِجْرِ: ٣٠] وقوله: ﴿اسْجُدُوا﴾ [البقرة: ٣٤] فِيهِ قَوْلَانِ: الْأَصَحُّ أَنَّ السُّجُودَ كَانَ لِآدَمَ عَلَى الْحَقِيقَةِ وَتَضَمَّنَ مَعْنَى الطَّاعَةِ لِلَّهِ ﷿ وامتثال أَمْرِهِ، وَكَانَ ذَلِكَ سُجُودَ تَعْظِيمٍ وَتَحِيَّةٍ لَا سُجُودَ عِبَادَةٍ، كَسُجُودِ إِخْوَةِ يُوسُفَ لَهُ فِي قَوْلِهِ ﷿: ﴿وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا﴾ [يُوسُفَ: ١٠٠] وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ وَضْعُ الْوَجْهِ عَلَى الْأَرْضِ إِنَّمَا كَانَ انحناء فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ أَبْطَلَ ذَلِكَ بِالسَّلَامِ، وَقِيلَ: مَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿اسْجُدُوا لِآدَمَ﴾ [البقرة: ٣٤] أَيْ: إِلَى آدَمَ فَكَانَ آدَمُ قِبْلَةً وَالسُّجُودُ لِلَّهِ تَعَالَى كَمَا جُعِلَتِ الْكَعْبَةُ قِبْلَةً لِلصَّلَاةِ وَالصَّلَاةُ لله ﷿، ﴿فَسَجَدُوا﴾ [البقرة: ٣٤] يعني: الملائكة، ﴿إِلَّا إِبْلِيسَ﴾ [البقرة: ٣٤] وَكَانَ اسْمُهُ عَزَازِيلَ بِالسُّرْيَانِيَّةِ وَبِالْعَرَبِيَّةِ الْحَارِثُ، فَلَمَّا عَصَى غُيِّرَ اسْمُهُ وَصُورَتُهُ، فَقِيلَ: إِبْلِيسُ لِأَنَّهُ أَبْلَسَ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى، أَيْ: يَئِسَ، وَاخْتَلَفُوا فِيهِ، فَقَالَ ابْنُ عباس وَأَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ: كَانَ إِبْلِيسُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، وَقَالَ الْحَسَنُ: كَانَ مِنَ الْجِنِّ وَلَمْ يَكُنْ مِنَ الْمَلَائِكَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ﴾ [الْكَهْفِ: ٥٠] فَهُوَ أَصْلُ الْجِنِّ كَمَا أَنَّ آدَمَ أَصْلُ الْإِنْسِ، وَلِأَنَّهُ خُلِقَ مِنَ النَّارِ وَالْمَلَائِكَةَ خُلِقُوا مِنَ النُّورِ، وَلِأَنَّ لَهُ ذُرِّيَّةً وَلَا ذُرِّيَّةَ لِلْمَلَائِكَةِ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ لِأَنَّ خِطَابَ السُّجُودِ كَانَ مَعَ الْمَلَائِكَةِ، وَقَوْلُهُ: ﴿كَانَ مِنَ الْجِنِّ﴾ [الكهف: ٥٠] أَيْ مِنَ الْمَلَائِكَةِ الَّذِينَ هُمْ خَزَنَةُ الْجَنَّةِ، وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: مِنَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْجَنَّةِ وَقِيلَ: إِنَّ فِرْقَةً مِنَ الْمَلَائِكَةِ خُلِقُوا مِنَ النَّارِ سُمُّوا جِنًّا لِاسْتِتَارِهِمْ عَنِ الْأَعْيُنِ، وَإِبْلِيسُ كان منهم. قوله: ﴿أَبَى﴾ [البقرة: ٣٤] أَيِ: امْتَنَعَ فَلَمْ يَسْجُدْ، ﴿وَاسْتَكْبَرَ﴾ [البقرة: ٣٤] أَيْ: تَكَبَّرَ عَنِ السُّجُودِ لِآدَمَ، ﴿وَكَانَ﴾ [البقرة: ٣٤] أي: وصار ﴿مِنَ الْكَافِرِينَ﴾ [البقرة: ٣٤] وَقَالَ أَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ:

1 / 25