278

Mukhtaṣar al-Ṣawāʿiq al-Mursala ʿalā al-Jahmiyya waʾl-Muʿaṭṭila

مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة

Editor

سيد إبراهيم

Publisher

دار الحديث

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م

Publisher Location

القاهرة - مصر

Genres

الشَّدِيدُ بِالصُّرَعَةِ» " وَنَحْوَ ذَلِكَ، فَإِنَّ هَذَا لَمْ يُنْفَ فِيهِ صِحَّةُ إِطْلَاقِ الِاسْمِ، وَإِنَّمَا نُفِيَ اخْتِصَاصُ الِاسْمِ بِهَذَا الِاسْمِ وَحْدَهُ، وَإِنَّ غَيْرَهُ أَوْلَى بِهَذَا الِاسْمِ مِنْهُ، فَتَأَمَّلْهُ فَإِنَّ بَعْضَ النَّاسِ نَقَضَ بِهِ عَلَيْهِمْ قَوْلَهُمْ: إِنَّ الْمَجَازَ مَا صَحَّ نَفْيُهُ، وَهُوَ نَقْضٌ بَاطِلٌ، وَأَمَّا النَّقْضُ الصَّحِيحُ فَمَا صَحَّ لِنَقْضِهِ وَعَدَمِ حُصُولِ الْمَطْلُوبِ مِنْهُ مَعَ إِطْلَاقِ الِاسْمِ عَلَيْهِ حَقِيقَةً، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
الْوَجْهُ السَّادِسَ عَشَرَ: أَنْ يُقَالَ: مَا تَعْنُونَ بِصِحَّةِ النَّفْيِ، نَفْيَ الْمُسَمَّى عِنْدَ الْإِطْلَاقِ أَمِ الْمُسَمَّى عِنْدَ التَّقْيِيدِ أَمِ الْقَدْرَ الْمُشْتَرَكَ أَمْ أَمْرًا رَابِعًا، فَإِنْ أَرَدْتُمُ الْأَوَّلَ كَانَ حَاصِلُهُ أَنَّ اللَّفْظَ لَهُ دَلَالَتَانِ:
دَلَالَةٌ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَدَلَالَةٌ عِنْدَ التَّقْيِيدِ، بَلِ الْمُقَيَّدُ مُسْتَعْمَلٌ فِي مَوْضُوعِهِ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا مَنْفِيٌّ عَنِ الْآخَرِ، وَإِنْ أَرَدْتُمُ الثَّانِيَ لَمْ يَصِحَّ نَفْيُهُ فَإِنَّ الْمَفْهُومَ مِنْهُ هُوَ الْمَعْنَى الْمُقَيَّدُ فَكَيْفَ يَصِحُّ نَفْيُهُ؟ وَإِنْ أَرَدْتُمُ الْقَدْرَ الْمُشْتَرَكَ بَيْنَ مَا سَمَّيْتُمُوهُ حَقِيقَةً وَمَجَازًا لَمْ يَصِحَّ نَفْيُهُ أَيْضًا، فَإِنْ أَرَدْتُمْ أَمْرًا رَابِعًا فَبَيِّنُوهُ لِنَحْكُمَ عَلَيْهِ بِصِحَّةِ النَّفْيِ أَوْ عَدَمِهَا، وَهَذَا ظَاهِرٌ جِدًّا لَا جَوَابَ عَنْهُ كَمَا تَرَى.
الْوَجْهُ السَّابِعَ عَشَرَ: أَنَّ هَذَا النَّفْيَ الَّذِي جَعَلْتُمْ صِحَّتَهُ عِيَارًا عَلَى الْمَجَازِ، وَفَرْقًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَقِيقَةِ، هُوَ الصِّحَّةُ عِنْدَ أَهْلِ اللِّسَانِ أَوْ عِنْدَ أَهْلِ الْإِصْلَاحِ عَلَى التَّقْسِيمِ إِلَى الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ، أَوْ عِنْدَ أَهْلِ الْعُرْفِ، فَمَنْ هُمُ الَّذِينَ يُسْتَدَلُّ بِصِحَّةِ نَفْيِهِمْ، وَيُجْعَلُ عِيَارًا عَلَى كَلَامِ اللَّهِ وَرَسُولَهُ، بَلْ كَلَامِ كُلِّ مُتَكَلِّمٍ؟ فَإِنْ كَانَ الْمُعْتَبَرُ نَفْيَ أَهْلِ اللِّسَانِ، طُولِبْتُمْ بِصِحَّةِ النَّقْلِ عَنْهُمْ بِأَنَّ هَذَا يَصِحُّ نَفْيُهُ وَهَذَا لَا يَصِحُّ نَفْيُهُ، وَلَنْ تَجِدُوا إِلَى ذَلِكَ سَبِيلًا.
وَإِنْ كَانَ الْمُعْتَبَرُ نَفْيَ أَهْلِ الِاصْطِلَاحِ لَمْ يُفِدْ ذَلِكَ شَيْئًا، لِأَنَّهُمُ اصْطَلَحُوا عَلَى أَنَّ هَذَا مَجَازٌ، فَيَصِحُّ لَهُمْ نَفْيُهُ، وَهَذَا حَقِيقَةٌ فَلَا يَصِحُّ لَهُمْ نَفْيُهُ، فَكَانَ مَاذَا؟ وَهَلِ اسْتَفَدْنَا بِذَلِكَ شَيْئًا، وَإِنْ كَانَ الِاعْتِبَارُ بِصِحَّةِ نَفْيِ أَهْلِ الْعُرْفِ فَنَفْيُهُمْ تَابِعٌ لِعُرْفِهِمْ وَفَهْمِهِمْ، فَلَا يَكُونُ عِيَارًا عَلَى أَصْلِ اللُّغَةِ.
الْوَجْهُ الثَّامِنَ عَشَرَ: أَنَّ صِحَّةَ النَّفْيِ مَدْلُولٌ عَلَيْهِ بِالْمَجَازِ فَلَا يَكُونُ دَلِيلًا عَلَيْهِ إِذْ يَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ الشَّيْءُ دَلِيلًا عَلَى نَفْسِهِ وَمَدْلُولًا لِنَفْسِهِ، وَهَذَا عَيْنُ لُزُومِ الدَّوْرِ.
الْوَجْهُ التَّاسِعَ عَشَرَ: أَنَّكُمْ فَرَّقْتُمْ أَيْضًا بَيْنَهُمَا أَنَّ الْمَجَازَ مَا يَتَبَادَرُ غَيْرُهُ إِلَى الذِّهْنِ،

1 / 295