الْمُشَاكَلَةِ فِي لَفْظِ الْيَدِ الْمُضَافَةِ إِلَى الْمُفْرَدِ: ﴿بِيَدِهِ الْمُلْكُ﴾ [الملك: ١] ﴿بِيَدِكَ الْخَيْرُ﴾ [آل عمران: ٢٦] وَإِنْ أُضِيفَتْ إِلَى ضَمِيرِ جَمْعٍ جُمِعَتْ: كَقَوْلِهِ: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا﴾ [يس: ٧١] وَكَذَلِكَ إِضَافَةُ الْيَدِ وَالْعَيْنِ إِلَى اسْمِ الْجَمْعِ الظَّاهِرِ كَقَوْلِهِ: ﴿بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ﴾ [الروم: ٤١] وَقَوْلِهِ: ﴿فَأْتُوا بِهِ عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ﴾ [الأنبياء: ٦١] .
وَقَدْ نَطَقَ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ بِذِكْرِ الْيَدِ مُضَافَةً إِلَيْهِ بِلَفْظٍ مُفْرَدَةٍ، مَجْمُوعَةً وَمُثَنَّاةً، وَبِلَفْظِ الْعَيْنِ مُضَافَةً إِلَيْهِ مُفْرِدَةً وَمَجْمُوعَةً، وَنَطَقَتِ السُّنَّةُ بِإِضَافَتِهَا إِلَيْهِ مُثَنَّاةً كَمَا قَالَ عَطَاءٌ عَنْ أَبَى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: " «إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا قَامَ فِي الصَّلَاةِ قَامَ بَيْنَ عَيْنَيِ الرَّحْمَنِ، فَإِذَا الْتَفَتَ قَالَ لَهُ رَبُّهُ: إِلَى مَنْ تَلْفِتُ، إِلَى خَيْرٍ لَكَ مِنِّي» "، وَقَوْلِ النَّبِيِّ ﷺ: " «إِنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ بِأَعْوَرَ» " صَرِيحٌ بِأَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ إِثْبَاتُ عَيْنٍ وَاحِدَةٍ، فَإِنَّ ذَلِكَ عَوَرٌ ظَاهِرٌ، تَعَالَى اللَّهُ عَنْهُ، وَهَلْ يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِ الدَّاعِي: " اللَّهُمَّ احْرُسْنَا بِعَيْنِكَ الَّتِي لَا تَنَامُ " أَنَّهَا عَيْنٌ وَاحِدَةٌ لَيْسَ إِلَّا إِلَّا ذِهْنٌ أَقْلَفُ وَقَلْبٌ أَغْلَفُ.
قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ كَثِيرٍ قَالَ: قِيلَ لِإِبْرَاهِيمَ بْنِ أَدْهَمَ: هَذَا السَّبُعُ، فَنَادَى يَا قَسْوَرَةُ إِنْ كُنْتَ أُمِرْتَ فِينَا بِشَيْءٍ وَإِلَّا بِعَيْنِي فَاذْهَبْ، فَضَرَبَ بِذَنَبِهِ وَوَلَّى مُدْبِرًا، فَنَظَرَ إِبْرَاهِيمُ إِلَى أَصْحَابِهِ وَقَالَ: قُولُوا: اللَّهُمَّ احْرُسْنَا بِعَيْنِكَ الَّتِي لَا تَنَامُ، وَاكْنُفْنَا بِكَنَفِكَ الَّذِي لَا يُرَامُ، وَارْحَمْنَا بِقُدْرَتِكَ عَلَيْنَا، لَا نَهْلِكُ وَأَنْتَ الرَّجَاءُ. وَقَالَ عُثْمَانُ الدَّارِمِيُّ: الْأَعْوَرُ ضِدَّ الْبَصِيرِ بِالْعَيْنَيْنِ.
1 / 38