Mukhtaṣar al-Ṣawāʿiq al-Mursala ʿalā al-Jahmiyya waʾl-Muʿaṭṭila
مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة
Editor
سيد إبراهيم
Publisher
دار الحديث
Edition
الأولى
Publication Year
١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م
Publisher Location
القاهرة - مصر
Genres
السَّادِسُ: أَنْ يُقَالَ: مِنْ أَيْنَ فِي ظَاهِرِ الْقُرْآنِ إِثْبَاتُ جَنْبٍ وَاحِدٍ هُوَ صِفَةٌ لِلَّهِ؟ وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ هَذَا لَا يُثْبِتُهُ أَحَدٌ مِنْ بَنِي آدَمَ، وَأَعْظَمُ النَّاسِ إِثْبَاتًا لِلصِّفَاتِ هُمْ أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْحَدِيثِ، لَا يُثْبِتُونَ أَنَّ لِلَّهِ تَعَالَى جَنْبًا وَاحِدًا وَلَا سَاقًا وَاحِدًا.
قَالَ عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ فِي نَقْضِهِ عَلَى الْمَرِيسِيِّ:
وَادِّعَاءُ الْمُعَارِضِ زُورًا عَلَى قَوْمٍ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿يَاحَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ﴾ [الزمر: ٥٦] أَنَّهُمْ يَعْنُونَ بِذَلِكَ الْجَنْبِ الَّذِي هُوَ الْعُضْوُ وَلَيْسَ ذَلِكَ عَلَى مَا يَتَوَهَّمُونَهُ، قَالَ الدَّارِمِيُّ: فَيُقَالُ لِهَذَا الْمُعَارِضِ: مَا أَرْخَصَ الْكَذِبَ عِنْدَكَ وَأَخَفَّهُ عَلَى لِسَانِكَ: فَإِنْ كُنْتَ صَادِقًا فِي دَعْوَاكَ فَأَشِرْ بِهَا إِلَى أَحَدٍ مِنْ بَنِي آدَمَ، قَالَ: وَإِلَّا فَلِمَ تُشَنِّعُ بِالْكَذِبِ عَلَى قَوْمٍ هُمْ أَعْلَمُ بِهَذَا التَّفْسِيرِ مِنْكَ، إِنَّمَا تَفْسِيرُهَا عِنْدَهُمْ: تَحَسُّرُ الْكُفَّارِ عَلَى مَا فَرَّطُوا فِي الْإِيمَانِ وَالْفَضَائِلِ الَّتِي تَدْعُو إِلَى ذَاتِ اللَّهِ وَاخْتَارُوا عَلَيْهَا الْكُفْرَ وَالسُّخْرِيَةَ، فَمَنْ أَنْبَأَكَ أَنَّهُمْ قَالُوا: جَنْبٌ مِنَ الْجُنُوبِ؟ فَإِنَّهُ لَا يَجْهَلُ هَذَا الْمَعْنَى كَثِيرٌ مِنْ عَوَامِّ الْمُسْلِمِينَ فَضْلًا عَنْ عُلَمَائِهِمْ، وَقَدْ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ ﵁: " الْكَذِبُ مُجَانِبٌ لِلْإِيمَانِ " وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ ﵁: " لَا يَجُوزُ الْكَذِبُ جِدًّا وَلَا هَزْلًا " وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: " مَنْ كَانَ كَاذِبًا فَهُوَ مُنَافِقٌ ".
وَالتَّفْرِيطُ فِعْلٌ أَوْ تَرْكُ فِعْلٍ، وَهَذَا لَا يَكُونُ قَائِمًا بِذَاتِ اللَّهِ لَا بِجَنْبٍ وَلَا غَيْرِهِ، بَلْ لَا يَكُونُ مُنْفَصِلًا عَنِ اللَّهِ تَعَالَى، وَهُوَ مَعْلُومٌ بِالْحِسِّ وَالْمُشَاهَدَةِ.
السَّابِعُ: هَبْ أَنَّ الْقُرْآنَ دَلَّ عَلَى إِثْبَاتِ جَنْبٍ هُوَ صِفَةٌ، فَمِنْ أَيْنَ لَكَ ظَاهِرُهُ أَوْ بَاطِنُهُ عَلَى أَنَّهُ جَنْبٌ وَاحِدٌ وَشِقٌّ وَاحِدٌ؟ وَمَعْلُومٌ أَنَّ إِطْلَاقَ مِثَالِ هَذَا لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ شِقٌّ وَاحِدٌ كَمَا «قَالَ النَّبِيُّ ﷺ لِعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ: " صَلِّ قَائِمًا فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ» "، وَهَذَا لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمَرْءِ إِلَّا جَنْبٌ وَاحِدٌ.
1 / 36