Mukhtaṣar al-Ṣawāʿiq al-Mursala ʿalā al-Jahmiyya waʾl-Muʿaṭṭila
مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة
Editor
سيد إبراهيم
Publisher
دار الحديث
Edition
الأولى
Publication Year
١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م
Publisher Location
القاهرة - مصر
Genres
وَعَاقَبَهُمْ عَلَيْهَا، وَأَثَابَ أُولَئِكَ عَلَى طَاعَاتِ غَيْرِهِمْ وَحَرَمَ ثَوَابَهَا فَاعِلَهَا، لَكَانَ ذَلِكَ عَدْلًا مَحْضًا، فَإِنَّ الظُّلْمَ مِنَ الْأُمُورِ الْمُمْتَنِعَةِ لِذَاتِهَا فِي حَقِّهِ وَهُوَ غَيْرُ مَقْدُورٍ لَهُ، بَلْ هُوَ كَقَلْبِ الْمُحْدَثِ قَدِيمًا مُحْدَثًا، وَاحْتَجَّ هَؤُلَاءِ بِأَنَّ الظُّلْمَ التَّصَرُّفُ فِي غَيْرِ الْمِلْكِ أَوْ مُخَالَفَةُ الْأَمْرِ، قَالُوا: وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا الْحَدِيثُ الَّذِي رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مَسْنَدِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: " «مَا أَصَابَ الْعَبْدَ قَطُّ هَمٌّ وَلَا حُزْنٌ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ ابْنُ أَمَتِكَ، نَاصِيَتِي بِيَدِكَ، مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ، عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ، أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مَنْ خَلْقِكَ، أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ الْعَظِيمَ رَبِيعَ قَلْبِي وَنُورَ صَدْرِي وَجَلَاءَ حُزْنِي وَذَهَابَ هَمِّي وَغَمِّي، إِلَّا أَذْهَبَ اللَّهُ هَمَّهُ وَغَمَّهُ وَأَبْدَلَهُ مَكَانًا فَرَحًا "، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلَا نَتَعَلَّمَهُنَّ؟ قَالَ: " بَلَى يَنْبَغِي لِمَنْ سَمِعَهُنَّ أَنْ يَتَعَلَّمَهُنَّ» " فَأَخْبَرَ أَنَّ جَمِيعَ أَقْضِيَتِهِ فِي عَبْدِهِ عَدْلٌ مِنْهُ، وَهَذَا يَعُمُّ قَضَاءَ الْمَصَائِبِ وَقَضَاءَ الْمَعَائِبِ وَقَضَاءَ الْعُقُوبَاتِ عَلَى الْجَرَائِمِ، وَلِهَذَا قَالَ الْعَارِفُونَ بِاللَّهِ: كُلُّ نِعْمَةٍ مِنْهُ فَضْلٌ، وَكُلُّ نِقْمَةٍ مِنْهُ عَدْلٌ.
وَقَالَ عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ لِأَبِي الْأَسْوَدِ الدُّؤَلِيِّ: أَرَأَيْتَ مَا يَكْدَحُ النَّاسُ الْيَوْمَ وَيَعْمَلُونَ فِيهِ؟ أَشَيْءٌ قُضِيَ عَلَيْهِمْ، وَمَضَى مِنْ قَدَرٍ قَدْ سَبَقَ، أَوْ فِيمَا يَسْتَقْبِلُونَ فِيمَا أَتَاهُمْ بِهِ نَبِيُّهُمْ فَأُخِذَتْ عَلَيْهِمْ بِهِ الْحُجَّةُ؟ قَالَ: فَهَلَّا يَكُونُ ذَلِكَ ظُلْمًا؟ قَالَ: فَفَزِعْتُ مِنْ ذَلِكَ فَزَعًا شَدِيدًا، وَقُلْتُ: إِنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ إِلَّا وَهُوَ خَلْقٌ لِلَّهِ وَمِلْكُ يَدِهِ، وَلَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ، فَقَالَ: سَدَّدَكَ اللَّهُ، إِنِّي وَاللَّهِ مَا سَأَلْتُكَ إِلَّا لِأُحْرِزَ عَقْلَكَ، قَالُوا: وَيَكْفِي فِي هَذَا قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ﴾ [الأنبياء: ٢٣] وَقَالُوا: وَنَحْنُ نَرَى فِي الشَّاهِدِ أَنَّ السَّيِّدَ إِذَا أَمْكَنَ عَبِيدَهُ مِنَ الْفَسَادِ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى مَنْعِهِمْ وَكَفِّهِمْ عَنْ ذَلِكَ فَلَمْ يَفْعَلْ، بَلْ خَلَّى بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ذَلِكَ وَمَكَّنَهُمْ مِنْهُ وَأَعَانَهُمْ عَلَيْهِ، وَأَعْطَاهُمْ أَسْبَابَهُ ثُمَّ عَاقَبَهُمْ عَلَى ذَلِكَ كَانَ ظَالِمًا لَهُمْ، وَاللَّهُ تَعَالَى قَدْ فَعَلَ ذَلِكَ
1 / 233