Mukhtasar Sawaciq Mursala
مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة
Investigator
سيد إبراهيم
Publisher
دار الحديث
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م
Publisher Location
القاهرة - مصر
Genres
فِي الْهَوَاءِ أَسْمَعَهُ إِيَّاهُ فَكَلَّمَهُ فِي الرِّيحِ لَا أَنَّهُ أَسْمَعَهُ كَلَامَهُ الَّذِي هُوَ صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِهِ قَائِمٌ بِذَاتِهِ، لَا يُصَدِّقُ الْجَهْمِيُّ بِهَذَا أَبَدًا.
وَمِنْ لَوَازِمِهِ بَلْ صَرَّحُوا بِهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ لَمْ يُعْرَجْ بِهِ إِلَى اللَّهِ حَقِيقَةً، وَلَمْ يَدْنُ مِنْ رَبِّهِ حَتَّى كَانَ مِنْهُ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى، وَلَمْ يُرْفَعْ مِنْ عِنْدِ مُوسَى إِلَى عِنْدِ رَبِّهِ مِرَارًا يَسْأَلُهُ التَّخْفِيفَ لِأُمَّتِهِ، فَإِنَّ: مِنْ وَإِلَى عِنْدَهُمْ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى مُحَالٌ، فَإِنَّهَا تَسْتَلْزِمُ الْمَكَانَ ابْتِدَاءً وَانْتِهَاءً.
وَمِنْ لَوَازِمِهِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَنْ يَفْعَلَ شَيْئًا وَلَا يَفْعَلُ شَيْئًا، فَإِنَّ الْفِعْلَ عِنْدَهُمْ عَيْنُ الْمَفْعُولِ، وَهُوَ غَيْرُ قَائِمٍ بِالرَّبِّ، فَلَمْ يَقُمْ بِهِ عِنْدَهُمْ فِعْلٌ أَصْلًا، وَسَمَّوْهُ فَاعِلًا مِنْ غَيْرِ فِعْلٍ يَقُومُ بِهِ، كَمَا سَمَّوْهُ مُرِيدًا مِنْ غَيْرِ إِرَادَةٍ تَقُومُ بِهِ، وَسَمَّوْهُ مُتَكَلِّمًا مِنْ غَيْرِ كَلَامٍ يَقُومُ بِهِ، وَسَمَّاهُ زَعِيمُهُمُ الْمُتَأَخِّرُ عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ عِبَادِهِ عَالِمًا مِنْ غَيْرِ عِلْمٍ يَقُومُ بِهِ حَيْثُ قَالَ: الْعِلْمُ هُوَ الْمَعْلُومُ، كَمَا قَالُوا: الْفِعْلُ هُوَ الْمَفْعُولُ.
وَمِنْ لَوَازِمِهِ أَنَّهُ لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ، وَلَا يَرْضَى وَلَا يَغْضَبُ، وَلَا يُحِبُّ وَلَا يَبْغَضُ، فَإِذَا ذَلِكَ مِنْ مَقُولَةِ: أَنْ يَنْفَكَّ، وَهَذِهِ الْمَقُولَةُ لَا تَتَعَلَّقُ بِهِ وَهِيَ فِي حَقِّهِ مُحَالٌ، كَمَا نَفَوْا عُلُوَّهُ عَلَى خَلْقِهِ وَاسْتِوَاءَهُ عَلَى عَرْشِهِ بِكَوْنِ ذَلِكَ مِنْ مَقُولَةِ الْأَيْنِ وَهِيَ مُمْتَنِعَةٌ عَلَيْهِ، كَمَا نَفَوُا اسْتِوَاءَهُ عَلَى عَرْشِهِ، لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ مَقُولَةِ الْوَضْعِ الْمُسْتَحِيلِ ثُبُوتُهَا لَهُ، وَلَوَازِمُ قَوْلِهِمْ أَضْعَافُ أَضْعَافِ مَا ذَكَرْنَاهُ.
الْوَجْهُ الثَّانِي وَالْأَرْبَعُونَ: أَنَّ هَؤُلَاءِ الْمُعَارِضِينَ لِلْوَحْيِ بِآرَائِهِمْ جَعَلُوا كَلَامَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ مِنَ الطُّرُقِ الضَّعِيفَةِ الْمُزَيَّفَةِ الَّتِي لَا يُتَمَسَّكُ بِهَا فِي الْعِلْمِ وَالْيَقِينِ.
قَالَ الرَّازِيُّ فِي نِهَايَتِهِ: الْفَصْلُ السَّابِعُ فِي تَزْيِيفِ الطُّرُقِ الضَّعِيفَةِ وَهِيَ أَرْبَعٌ: نَذْكُرُ نَفْيَ الشَّيْءِ انْتِفَاءَ دَلِيلِهِ، وَذَكَرَ الْقِيَاسَ، وَذَكَرَ الْإِلْزَامَاتِ، ثُمَّ قَالَ: الرَّابِعُ: هُوَ التَّمَسُّكُ بِالسَّمْعِيَّاتِ، وَهَذَا تَصْرِيحٌ بِأَنَّ التَّمَسُّكَ بِكَلَامِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ مِنَ الطُّرُقِ الضَّعِيفَةِ الْمُزَيَّفَةِ، وَأَخَذَ فِي تَقْرِيرِ ذَلِكَ فَقَالَ: الْمَطَالِبُ عَلَى أَقْسَامٍ ثَلَاثَةٍ: مِنْهَا مَا يَسْتَحِيلُ الْعِلْمُ بِهَا بِوَاسِطَةِ السَّمْعِ، وَمِنْهَا مَا يَسْتَحِيلُ الْعِلْمُ بِهَا إِلَّا السَّمْعَ، وَمِنْهَا مَا يَصِحُّ حُصُولُ الْعِلْمِ بِهَا مِنَ السَّمْعِ تَارَةً وَمِنَ الْعَقْلِ أُخْرَى.
قَالَ: أَمَّا الْقِسْمُ الْأَوَّلُ فَكُلُّ مَا يَتَوَقَّفُ الْعِلْمُ بِصِحَّةِ السَّمْعِ عَلَى الْعِلْمِ بِصِحَّتِهِ اسْتَحَالَ تَصْحِيحُهُ بِالسَّمْعِ مِنْ قَبْلِ الْعِلْمِ بِوُجُودِ الصَّانِعِ، وَكَوْنِهِ مُخْتَارًا وَعَالِيًا بِكُلِّ الْمَعْلُومَاتِ وَصِدْقِ الرَّسُولِ، قَالَ: وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّانِي فَهُوَ تَرْجِيحُ أَحَدِ طَرَفَيِ الْمُمْكِنِ
1 / 189