مقَدّمةُ التَّحقيق
نحمدك اللهم على ما أنعمتَ به علينا من بِعْثة هذا النبي الأُمِّي الخاتم، الرؤوف الرحيم، قال الله تعالى: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَاعَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (١٢٨)﴾ [التوبة: ١٢٨]، فاللهم إنا نشهد أنه أدى الأمانة، وبلَّغ الرسالة، وقام في أمته أصدق قيام:
فما حملتْ من ناقةٍ فوقَ رحلها ... أبرَّ وأوفى ذمةً من محمد
فَتَرَكَنا على طريقٍ سويٍّ، ومحجَّة بيضاء، وصراطٍ مستقيم، فاجْزِه اللهمّ خير ما جزيتَ نبيًّا عن أُمته.
ثم نحمدك على ما يسَّرت على يديه من الهدى بعد الضلال، والنور بعد الظلام، والرَّشَد بعد الغواية، والعلم بعد الجهالة، والرِّفعة بعد الذلة، والتبصُّر بعد العماية.
أما بعد؛ فمن واجبات الدين المتحتِّمات تعزير نبيِّنا وتوقيره ومحبته وطاعة أمره، بل لا يكمل إيمانُ المرء حتى يكون هو "أحبّ إليه من ولده ووالده والناس أجمعين". كما أوجب علينا أيضًا أحكامًا أخرى في عقوبة من سبَّه أو أهانه أو استهْزَأ به، أو خالف أمره، أو ابتدع طريقة غير طريقته = حمايةً لجنابه الكريم، وتقديسًا لذاته الشريفة، وتنزيهًا لعِرْضه النقي، وصيانة لجاهه العَلِيّ، وحِياطة للشريعة التي جاء بها.
وهذه الأَحكام جميعها بيَّنها العلماءُ في بحوث مستفيضة في مصنفاتهم الفقهية في (أبواب الردة) وفي كتب العقائد، وفي مصنفاتٍ
1 / 5