84

Mukhtasar Minhaj al-Sunnah al-Nabawiyyah

مختصر منهاج السنة النبوية

Publisher

دار الصديق للنشر والتوزيع، صنعاء - الجمهورية اليمنية

Edition Number

الثانية، 1426 هـ - 2005 م

لأنه من المعلوم للخاصة والعامة أن من ولاه الناس باختيارهم ورضاهم من غير أن يضرب أحدا بالسيف ولا عصى ولا أعطى أحدا ممن ولاه من مال واجتمعوا عليه فلم يول أحد من أقاربه، وعترته، ولا خلف لورثته مالا من مال المسلمين، وكان له مال قد أنفقه في سبيل الله، فلم يأخذ بدله، وأوصى أن يرد إلى بيت مالهم ما كان عنده لهم، وهو جرد قطيفة، وبكر وأمة سوداء، ونحو ذلك.

حتى قال عبد الرحمن بن عوف لعمر: أتسلب هذا آل أبي بكر، قال كلا والله لا يتحنث فيها أبو بكر وأتحملها أنا، وقال يرحمك الله يا أبا بكر لقد أتعبت الأمراء بعدك.

ثم مع هذا لم يقتل مسلما على ولايته، ولا قاتل مسلما بمسلم، بل قاتل بهم المرتدين عن دينهم، والكفار حتى شرع بهم في فتح الأمصار واستخلف القوي الأمين العبقري، الذي فتح الأمصار ونصب الديوان، وعم بالعدل والإحسان.

فإن جاز للرافضي أن يقول إن هذا كان طالبا للمال والرياسة، أمكن الناصبي أن يقول: كان علي ظالما طالبا للمال والرياسة، قاتل على الولاية حتى قتل المسلمون بعضهم بعضا، ولم يقاتل كافرا ولم يحصل للمسلمين في مدة ولايته إلا شر وفتنة في دينهم ودنياهم.

فإن جاز أن يقال: علي كان مريدا لوجه الله، والتقصير من غيره من الصحابة، أو يقال كان مجتهدا مصيبا، وغيره مخطئ مع هذه الحالة فإنه يقال كان أبو بكر وعمر مريدين وجه الله مصيبين والرافضة مقصرون في معرفة حقهم مخطئون في ذمهم بطريق الأولى والأحرى.

فإن أبا بكر وعمر كان بعدهما عن شبة طلب المال والرياسة أشد من بعد علي عن ذلك، وشبهة الخوارج الذين ذموا عليا وعثمان وكفروهما أقرب

من شبهة الرافضة الذين ذموا أبا بكر وعمر وكفروهما، فكيف بحال الصحابة والتابعين الذين تخلفوا عن بيعته أو قاتلوه فشبهتهم أقوى من شبهة من قدح في أبي بكر وعمر وعثمان، فإن أولئك قالوا ما يمكننا أن نبايع إلا من يعدل علينا، ويمنعنا ممن ظلمنا، ويأخذ حقنا ممن ظلمنا، فإذا لم يفعل هذا كان عاجزا أو ظالما، وليس علينا أن نبايع عاجزا أو ظالما.

وهذا الكلام إذا كان باطلا، فبطلان قول من يقول إن أبا بكر وعمر كانا ظالمين

Page 89