79

Mukhtasar Minhaj al-Sunnah al-Nabawiyyah

مختصر منهاج السنة النبوية

Publisher

دار الصديق للنشر والتوزيع، صنعاء - الجمهورية اليمنية

Edition Number

الثانية، 1426 هـ - 2005 م

فإذا كان لم يكن الناس مع هؤلاء مكرهين على أن يقولوا بألسنتهم خلاف ما في قلوبهم، فكيف يكونون مكرهين مع الخلفاء على ذلك، بل على الكذب وشهادة الزور وإظهار الكفر، كما تقوله الرافضة من غير أن يكرههم أحد على ذلك.

فعلم أن ما تتظاهر به الرافضة هو من باب الكذب والنفاق، وأنهم يقولوا بألسنتهم ما ليس في قلوبهم، لا من باب ما يكره المؤمن عليه، من التكلم بالكفر وهؤلاء أسرى المسلمين، في بلاد الكفار غالبهم يظهرون دينهم، والخوارج مع تظاهرهم بتكفير الجمهور، وتكفير عثمان وعلي ومن ولاهما يتظاهرون بدينهم.

وإذا سكنوا بين الجماعة، سكنوا على الموافقة والمخالفة، والذي يسكن في مدائن الرافضة فلا يظهر الرفض وغايته إذا ضعف أن يسكت عن ذكر مذهبه لا يحتاج أن يتظاهر بسب الخلفاء والصحابة، إلا أن يكونوا قليلا.

فكيف يظن بعلي - رضي الله عنه - وغيره من أهل البيت أنهم كانوا اضعف دينا من الأسرى في بلاد الكفر، ومن عوام أهل السنة، ومن النواصب، مع أنا قد علمنا بالتواتر أن أحدا لم يكره عليا ولا أولاده على ذكر فضائل الخلفاء، والترحم عليهم، بل كانوا يقولون ذلك من غير إكراه، ويقوله أحدهم لخاصته كما ثبت ذلك بالنقل المتواتر.

وأيضا فقد يقال في قوله تعالى: {وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات} إن ذلك وصف الجملة بصفة تتضمن حالهم عند الاجتماع كقوله تعالى: {ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار} والمغفرة والأجر في الآخرة يحصل لكل واحد واحد، فلا بد أن يتصف بسبب ذلك، وهو الإيمان والعمل الصالح، إذ قد يكون في الجملة منافقا.

وفي الجملة ما في القرآن من خطاب المؤمنين والمتقين والمحسنين، ومدحهم والثناء عليهم، فهم أول من دخل في ذلك من هذه الأمة، وأفضل من دخل في ذلك من هذه الأمة كما استفاض عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم من غير وجه أنه قال: ((خير القرون القرن الذي بعثت فيهم، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم)) (1) .

Page 84