Mukhtaṣar Minhāj al-Sunna al-Nabawiyya
مختصر منهاج السنة النبوية
Publisher
دار الصديق للنشر والتوزيع، صنعاء - الجمهورية اليمنية
Edition Number
الثانية، 1426 هـ - 2005 م
وأقوى، وأين الخوارج من الرافضة الغالية؟!
فالخوارج من أعظم الناس صلاة وصياما وقراءة للقران، ولهم جيوش وعساكر، وهم متدينون بدين الإسلام باطنا وظاهرا. والغالية المدعون للإلهية إما أن يكونوا من أجهل الناس، وإما أن يكونوا من أكفر
الناس، والغالية كفار بإجماع العلماء، وأما الخوارج فلا يكفرهم إلا من يكفر الإمامية، وعلي - رضى الله عنه - لم يكن يكفرهم، ولا أمر بقتل الواحد المقدور عليه منهم، كما أمر بتحريق الغالية، بل لم يقاتلهم حتى قتلوا عبد الله بن خباب وأغاروا على سرح الناس.
فثبت بالإجماع من علي ومن سائر الصحابة والعلماء أن الخوارج خير من الغالية، فإن جاز لشيعته أن تجعل دعوى الغالية الإلهية فيه حجة على فضيلته كان لشيعة عثمان أن يجعلوا دعوى الخوارج لكفره حجة على نقيضه بطريق الأولى، فعلم أن هذه الحجة إنما يحتج بها جاهل، ثم إنها تعود عليه لا له، ولهذا كان الناس يعلمون أن الرافضة أجهل وأكذب من الناصبة.
وأما قوله: ((وكان ولده سبطا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سيدا شباب أهل الجنة إمامين بنص النبي - صلى الله عليه وسلم -)) .
فيقال: الذي ثبت بلا شك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الصحيح أنه قال عن الحسن: ((إن ابني هذا سيد، وإن الله سيصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين)) (1) . وثبت عنه في الصحيح أنه كان يقعده وأسامة بن زيد على فخذه ويقول: ((اللهم إني أحبهما فأحبهما وأحب من يحبهما)) (2)
وهذا يدل على أن ما فعله الحسن من ترك القتال على الإمامة، وقصد الإصلاح بين المسلمين كان محبوبا يحبه الله ورسوله ولم يكن ذلك معصية، بل كان ذلك أحب إلى الله ورسوله من اقتتال المسلمين، ولهذا أحبه وأحب أسامة بن زيد ودعا لهما، فإن كلاهما كان يكره القتال في الفتنة، فأما أسامة فلم يقاتل لا مع علي ولا مع معاوية، والحسن كان دائما
Page 141