126

Mukhtaṣar Minhāj al-Sunna al-Nabawiyya

مختصر منهاج السنة النبوية

Publisher

دار الصديق للنشر والتوزيع، صنعاء - الجمهورية اليمنية

Edition Number

الثانية، 1426 هـ - 2005 م

(فصل)

</span>

قال الرافضي: الوجه الرابع: أن الإمامية أخذوا مذهبهم عن الأئمة المعصومين المشهورين بالفضل والعلم ولزهد والورع، والاشتغال في كل

وقت بالعبادة والدعاء وتلاوة القرآن، والمداومة على ذلك من زمن الطفولة إلى آخر العمر، ومنهم من يعلم الناس العلوم، ونزل في حقهم: {هل أتى} وآية الطهارة، وإيجاب المودة لهم، وآية الابتهال وغير ذلك. وكان علي - رضي الله عنه - يصلي في كل يوم وليلة ألف ركعة، ويتلو القرآن مع شدة ابتلائه بالحروب والجهاد.

فأولهم علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - كان أفضل الخلق بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجعله الله نفس رسول الله حيث قال: {وأنفسنا وأنفسكم} (1) وواخاه رسول الله وزوجه ابنته، وفضله لا يخفى وظهرت منه معجزات كثيرة، حتى ادعى قوم فيه الربوبية وقتلهم، وصار إلى مقالتهم آخرون إلى هذه الغاية كالغلاة والنصيرية. وكان ولداه سبطا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سيدا شباب أهل الجنة، إمامين بنص النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، وكانا أزهد الناس وأعلمهم في زمانهما، وجاهدا في الله حق جهاده حتى قتلا، ولبس الحسن الصوف تحت ثيابه الفاخرة من غير أن يشعر أحد بذلك، وأخذ النبي صلى الله تعالى عليه وسلم يوما الحسين على فخذه الأيمن، وإبراهيم على فخذه الأيسر، فنزل جبرائيل عليه السلام وقال: إن الله تعالى لم يكن ليجمع لك بينهما، فاختر من شئت منهما، فقال النبي صلى الله تعالى عليه وسلم: إذا مات الحسين بكيت أنا وعلي وفاطمة، وإذا مات إبراهيم بكيت أنا عليه، فاختار موت إبراهيم فمات بعد ثلاثة أيام، وكان إذا جاء الحسين بعد ذلك يقبله ويقول: أهلا ومرحبا بمن فديته بابني إبراهيم.

وكان علي بن الحسين زين العابدين يصوم نهاره ويصوم ليله، ويتلو الكتاب العزيز، ويصلي كل يوم وليلة ألف ركعة، ويدعو كل ركعتين بالأدعية المنقولة عنه وعن آبائه ثم يرمي الصحيفة كالمتضجر، ويقول: أنى لي بعبادة علي، وكان يبكي كثيرا حتى أخذت الدموع من لحم خديه، وسجد حتى سمي ذا الثفنات، وسماه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سيد العابدين.

Page 131