123

Mukhtaṣar Minhāj al-Sunna al-Nabawiyya

مختصر منهاج السنة النبوية

Publisher

دار الصديق للنشر والتوزيع، صنعاء - الجمهورية اليمنية

Edition Number

الثانية، 1426 هـ - 2005 م

الوجه الثالث: منع الحكم في هذا المثال الذي ضربه وجعله أصلا قاس عليه، فإن الرجل إذا قال له أحد الرجلين: طريقي آمن يوصلني، وقال له الآخر: لا علم لي بأن طريقي آمن يوصلني، أو قال ذلك الأول، لم يحسن في العقل تصديق الأول بمجرد قوله، بل يجوز عند العقلاء أن يكون هذا محتالا عليه، يكذب حتى يصحبه في الطريق فيقتله ويأخذ ماله، ويجوز أن يكون جاهلا لا يعرف ما في الطريق من الخوف، وأما ذاك الرجل فلم يضمن للسائل شيئا، بل رده إلى نظره، فالحزم في مثل هذا أن ينظر الرجل أي الطريقين أولى بالسلوك: أحد ذينك الطريقين أو غيرهما.

فتبين أن مجرد الإقدام على الحزم لا يدل على علم صاحبه ولا على صدقه، وأن التوقف والإمساك حتى يتبين الدليل هو عادة العقلاء.

الوجه الرابع: أن يقال: قوله: ((إنهم جازمون بحصول النجاة لهم دون أهل السنة)) كذب، فإنه إن أراد بذلك أن كل واحد ممن اعتقد اعتقادهم يدخل الجنة، وإن ترك الواجبات وفعل المحرمات، فليس هذا قول الإمامية، ولا يقوله عاقل.

وإن كان حب علي حسنة لا يضر معها سيئة، فلا يضره ترك الصلوات، ولا الفجور بالعلويات، ولا نيل أغراضه بسفك دماء بني هاشم إذا كان يحب عليا.

فإن قالوا: المحبة الصادقة تستلزم الموافقة، عاد الأمر إلى أنه لا بد من أداء الواجبات وترك المحرمات. وإن أراد بذلك أنهم يعتقدون أن كل من اعتقد الاعتقاد الصحيح، وأدى الواجبات، وترك المحرمات يدخل الجنة - فهذا اعتقاد أهل السنة؛ فإنهم يجزمون بالنجاة لكل من اتقى الله، كما نطق به القرآن.

وإنما يتوقفون في الشخص المعين لعدم العلم بدخوله في المتيقن، فإنه إذا علم أنه مات على التقوى علم أنه من أهل الجنة. ولهذا يشهدون بالجنة لمن شهد له الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم، ولهم فيمن استفاض في الناس حسن الثناء عليه قولان.

فتبين أنه ليس في الإمامية جزم محمود اختصوا به عن أهل السنة والجماعة. وإن قالوا: إنا نجزم لكل شخص رأيناه ملتزما للواجبات عندنا تاركا للمحرمات،

Page 128