Mukhtasar Kitab Al-I'tisam

Alawi Al-Saqaf d. Unknown
14

Mukhtasar Kitab Al-I'tisam

مختصر كتاب الاعتصام

Publisher

دار الهجرة للنشر والتوزيع

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤١٨ هـ - ١٩٩٧ م

Genres

وَهَذَا عَلَى رَأْيِ مَنْ لَا يُدْخِلُ الْعَادَاتِ فِي مَعْنَى الْبِدْعَةِ، وإنَّما يَخُصُّهَا بِالْعِبَادَاتِ، وأمَّا عَلَى رَأْيِ مَنْ أَدْخَلَ الْأَعْمَالَ الْعَادِيَّةَ فِي مَعْنَى الْبِدْعَةِ فَيَقُولُ: «الْبِدْعَةُ طَرِيقَةٌ فِي الدِّينِ مُخْتَرَعَةٌ تُضَاهِي الشَّرْعِيَّةَ يُقْصَدُ بِالسُّلُوكِ عَلَيْهَا مَا يُقْصَدُ بِالطَّرِيقَةِ الشَّرْعِيَّةِ» وَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ أَلْفَاظِ هَذَا الْحَدِّ. فَالطَّرِيقَةُ وَالطَّرِيقُ وَالسَّبِيلُ وَالسَّنَنُ هِيَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَهُوَ مَا رُسِمَ لِلسُّلُوكِ عَلَيْهِ وإنَّما قُيِّدت بِالدِّينِ لأنَّها فِيهِ تُخْتَرَعُ وَإِلَيْهِ يُضِيفُهَا صَاحِبُهَا وَأَيْضًا فَلَوْ كَانَتْ طَرِيقَةً مُخْتَرَعَةً فِي الدُّنْيَا عَلَى الْخُصُوصِ لَمْ تُسَمَّ بِدْعَةً كَإِحْدَاثِ الصَّنَائِعِ وَالْبُلْدَانِ الَّتِي لَا عَهْدَ بِهَا فِيمَا تَقَدَّمَ. وَلَمَّا كَانَتِ الطَّرَائِقُ فِي الدِّينِ تَنْقَسِمُ، فَمِنْهَا مَا لَهُ أَصْلٌ فِي الشَّرِيعَةِ، وَمِنْهَا مَا لَيْسَ لَهُ أَصْلٌ فِيهَا، خُصَّ مِنْهَا مَا هُوَ الْمَقْصُودُ بِالْحَدِّ وَهُوَ الْقِسْمُ الْمُخْتَرَعُ، أَيْ طَرِيقَةٌ ابْتُدِعَتْ عَلَى غَيْرِ مِثَالٍ تَقَدَّمَهَا مِنَ الشَّارِعِ، إِذِ الْبِدْعَةُ إنَّما خاصَّتها أنَّها خَارِجَةٌ عَمَّا رَسَمَهُ الشَّارِعُ، وَبِهَذَا الْقَيْدِ انْفَصَلَتْ عَنْ كلِّ مَا ظَهَرَ لِبَادِي الرأْي أنَّه مُخْتَرَعٌ مِمَّا هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِالدِّينِ، كَعِلْمِ النَّحْوِ وَالتَّصْرِيفِ وَمُفْرَدَاتِ اللُّغَةِ وَأُصُولِ الْفِقْهِ وأُصول الدِّينِ، وَسَائِرِ الْعُلُومِ الْخَادِمَةِ لِلشَّرِيعَةِ فإنَّها وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ فِي الزَّمَانِ الأوَّل فأُصولها موجودة في الشرع. (فَإِنْ قِيلَ): فإنَّ تَصْنِيفَهَا عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ مُخْتَرَعٌ. (فَالْجَوَابُ): أنَّ لَهُ أَصْلًا فِي الشَّرْعِ، فَفِي الْحَدِيثِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ، وَلَوْ سُلِّم أنَّه لَيْسَ فِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى الْخُصُوصِ، فَالشَّرْعُ بِجُمْلَتِهِ يَدُلُّ عَلَى اعْتِبَارِهِ، وَهُوَ مُسْتَمَدٌّ مِنْ قَاعِدَةِ الْمَصَالِحِ الْمُرْسَلَةِ، وسيأْتي بَسْطُهَا بِحَوْلِ الله (١) .

(١) في الباب الثامن (ص ٩٩) .

1 / 8