Mukhtasar Kitab Al-I'tisam

Alawi Al-Saqaf d. Unknown
114

Mukhtasar Kitab Al-I'tisam

مختصر كتاب الاعتصام

Publisher

دار الهجرة للنشر والتوزيع

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤١٨ هـ - ١٩٩٧ م

Genres

يَكُنْ ثَمَّ دَلِيلٌ شَرْعِيٌّ فإنَّه لَوْ كَانَ هُنَالِكَ دليلٌ شَرْعِيٌّ أَوْ كَانَ هَذَا التَّقْرِيرُ مقيَّدًا بِالْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ لَمْ يُحَل بِهِ عَلَى مَا فِي النُّفُوسِ وَلَا عَلَى مَا يَقَعُ بالقلوب فدلَّ ذَلِكَ عَلَى أنَّ لاستحسانِ الْعُقُولِ وميلِ النُّفُوسِ أَثَرًا فِي شَرْعِيَّةِ الْأَحْكَامِ، وَهُوَ الْمَطْلُوبُ. وذلك أنَّ حَاصِلَ الْأَمْرِ يَقْتَضِي أنَّ فَتَاوَى الْقُلُوبِ وَمَا اطْمَأَنَّتْ إِلَيْهِ النُّفُوسُ مُعتبر فِي الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ، وَهُوَ التَّشْرِيعُ بعينِه، فإنَّ طُمَأْنِينَةَ النَّفْسِ وسكون الْقَلْبُ مُجَرَّدًا عَنِ الدَّلِيلِ، إمَّا أَنْ تَكُونَ مُعْتَبَرَةً أَوْ غَيْرَ مُعْتَبَرَةٍ شَرْعًا، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُعْتَبَرَةً فَهُوَ خِلَافُ مَا دلَّت عَلَيْهِ تلك الأخبار، وَإِنْ كَانَتْ مُعْتَبَرَةً فَقَدْ صَارَ ثمَّ قسمٌ ثالث غير الكتاب والسنة. وَإِنْ قِيلَ: إنَّها تُعْتَبَرُ فِي الْإِحْجَامِ دُونَ الْإِقْدَامِ، لَمْ تَخْرُجْ تِلْكَ عَنْ الْإِشْكَالِ الأوَّل، لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الْإِقْدَامِ وَالْإِحْجَامِ فِعْلٌ لَا بُدَّ أَنْ يتعلَّق بِهِ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ، وَهُوَ الْجَوَازُ وَعَدَمُهُ، وَقَدْ علَّق ذَلِكَ بِطُمَأْنِينَةِ النَّفْسِ أَوْ عَدَمِ طُمَأْنِينَتِهَا، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ عَنْ دَلِيلٌ، فَهُوَ ذَلِكَ الأوَّل بِعَيْنِهِ، بَاقٍ عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ. وَالْجَوَابُ: أنَّ الْكَلَامَ الأوَّل صَحِيحٌ، وإنَّما النَّظَرُ فِي تَحْقِيقِهِ. فَاعْلَمْ أنَّ كُلَّ مَسْأَلَةٍ تَفْتَقِرُ إِلَى نَظَرَيْنِ: نَظَرٍ فِي دَلِيلِ الْحُكْمِ، وَنَظَرٍ فِي مَنَاطِهِ؛ فأمَّا النَّظَرُ فِي دَلِيلِ الْحُكْمِ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ إِلَّا مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، أَوْ مَا يَرْجِعُ إليهما عن إِجْمَاعٍ أَوْ قِيَاسٍ أَوْ غَيْرِهِمَا، وَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِ طُمَأْنِينَةُ النَّفْسِ، وَلَا نَفْيُ رَيْبِ الْقَلْبِ، إِلَّا مِنْ جِهَةِ اعْتِقَادِ كَوْنِ الدَّلِيلِ دَلِيلًا أو غير دليل. وأمَّا النَّظَرُ فِي مَنَاطِ الْحُكْمِ، فإنَّ الْمَنَاطَ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ ثَابِتًا بِدَلِيلٍ شرعيٍّ فَقَطْ، بَلْ يَثْبُتُ بدليلٍ غَيْرِ شَرْعِيٍّ أَوْ بِغَيْرِ دَلِيلٍ، فَلَا يُشترط فِيهِ بُلُوغَ دَرَجَةِ الِاجْتِهَادِ، بَلْ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْعِلْمُ فضلًا عن درجة الاجتهاد.

1 / 113