Mukhtasar Kitab Al-I'tisam

Alawi Al-Saqaf d. Unknown
111

Mukhtasar Kitab Al-I'tisam

مختصر كتاب الاعتصام

Publisher

دار الهجرة للنشر والتوزيع

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤١٨ هـ - ١٩٩٧ م

Genres

فصل [ردُّ حججِ المبتدعة في الاستحسان] فَإِذَا تَقَرَّرَ هَذَا فَلْنَرْجِعْ إِلَى مَا احْتَجُّوا بِهِ أوَّلًا: - فأمَّا مَنْ حدَّ الِاسْتِحْسَانَ بأنَّه «مَا يَستحسِنه الْمُجْتَهِدُ بِعَقْلِهِ وَيَمِيلُ إِلَيْهِ بِرَأْيِهِ» . - فكأنَّ هَؤُلَاءِ يَرَوْنَ هَذَا النَّوْعَ مِنْ جُمْلَةِ أدلة الأحكام، وَلَكِنْ لَمْ يَقَعْ مِثْلُ هَذَا وَلَمْ يُعرف التَّعَبُّدُ بِهِ لَا بِضَرُورَةٍ وَلَا بِنَظَرٍ وَلَا بِدَلِيلٍ مِنَ الشَّرْعِ قَاطِعٍ وَلَا مَظْنُونٍ، فَلَا يَجُوزُ إِسْنَادُهُ لحكمِ اللهِ لأنَّه ابْتِدَاءُ تَشْرِيعٍ مِنْ جِهَةِ الْعَقْلِ. - وَأَيْضًا فإنَّا نَعْلَمُ أنَّ الصَّحَابَةَ ﵃ حَصَرُوا نَظَرَهُمْ فِي الْوَقَائِعِ الَّتِي لَا نُصُوصَ فِيهَا فِي الِاسْتِنْبَاطِ وَالرَّدِّ إِلَى مَا فَهِمُوهُ مِنَ الأُصول الثَّابِتَةِ، وَلَمْ يَقُلْ أحدٌ مِنْهُمْ: إنَّي حَكَمْتُ فِي هَذَا بِكَذَا لِأَنَّ طَبْعِي مَالَ إِلَيْهِ، أَوْ لأنَّه يوافق محبتي ورضائي، ولا يحتاجون إلى مناظرة بعضهم بعضًا والشريعة ليست كذلك. - وأمَّا الحدُّ الثَّانِي: فَقَدْ رُدَّ بأنَّه لَوْ فُتح هَذَا الْبَابَ لبطلُت الْحُجَجُ وَادَّعَى كلُّ من شاء ما شاء، وهذا يجرُّ فسادًا لا خفاءَ له. وأمَّا الدَّلِيلُ الأوَّل (١): فَلَا مُتعلَّق بِهِ؛ فإنَّ أحسنَ الِاتِّبَاعِ إِلَيْنَا، اتباعُ الْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ، وَخُصُوصًا الْقُرْآنَ؛ فإنَّ اللهَ تَعَالَى يَقُولُ: ﴿اللهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتابًا مُتَشَابِهًا﴾ (٢) الْآيَةَ. وَجَاءَ فِي صَحِيحِ الْحَدِيثِ -خرَّجه مُسْلِمٌ- أنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ فِي خُطْبَتِهِ: «أمَّا بَعْدُ فَأَحْسَنُ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللهِ» (٣)، فَيَفْتَقِرُ أَصْحَابُ الدَّلِيلِ أَنْ يبيِّنوا أنَّ مَيْلَ الطِّبَاعِ أَوْ أهواءَ النُّفُوسِ مِمَّا أُنْزِلَ إِلَيْنَا، فَضْلًا عَنْ أن يقول من

(١) يعني من أدلة القائلين بأنَّ الاستحسان هو مَا يَسْتَحْسِنُهُ الْمُجْتَهِدُ بِعَقْلِهِ وَيَمِيلُ إِلَيْهِ بِرَأْيِهِ، وقد سبق ذكر الأدلة (ص١٠٦) . (٢) الزمر: ٢٣. (٣) [صحيح] تقدم تخريجه (ص٢٢) .

1 / 110