Mukhtasar Kitab Al-I'tisam

Alawi Al-Saqaf d. Unknown
110

Mukhtasar Kitab Al-I'tisam

مختصر كتاب الاعتصام

Publisher

دار الهجرة للنشر والتوزيع

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤١٨ هـ - ١٩٩٧ م

Genres

وأنَّ مَنْ زَادَ أَوِ ازْدَادَ فَقَدْ أَرْبَى (١)، وَوَجْهُ ذَلِكَ أنَّ التَّافِهَ فِي حُكْمِ العَدَم، وَلِذَلِكَ لَا تَنْصَرِفُ إِلَيْهِ الْأَغْرَاضُ فِي الْغَالِبِ، وأنَّ الْمَشَاحَّةَ فِي الْيَسِيرِ قَدْ تُؤَدِّي إِلَى الْحَرَجِ والمشقة، وهما مرفوعان عن المكلَّف. (الخامس): ما تقدم أوَّلًا من أنَّ الأُمَّة اسْتَحْسَنَتْ دُخُولَ الحمَّام مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرِ أُجرة وَلَا تَقْدِيرِ مُدَّةِ اللَّبْثِ وَلَا تَقْدِيرِ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ، وَالْأَصْلُ فِي هَذَا الْمَنْعُ، إِلَّا أنَّهم أجازوه، لَا كَمَا قَالَ المُحتجون عَلَى الْبِدَعِ، بَلْ لِأَمْرٍ آخَرَ هُوَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ الَّذِي لَيْسَ بِخَارِجٍ عَنِ الْأَدِلَّةِ، فأمَّا تَقْدِيرُ العِوض فَالْعُرْفُ هُوَ الَّذِي قدَّره فَلَا حَاجَةَ إِلَى التَّقْدِيرِ، وأمَّا مُدَّةُ اللَّبْثِ وَقَدْرُ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مقدَّرًا بِالْعُرْفِ أَيْضًا فإنَّه يسقط للضرورة إليه، فَسُومح المكلَّف بِيَسِيرِ الْغَرَرِ (٢)، لِضِيقِ الِاحْتِرَازِ مَعَ تفاهة ما يحصل من (الغرض) وَلَمْ يُسَامَح فِي كَثِيرِهِ إِذْ لَيْسَ فِي مَحَلِّ الضَّرُورَةِ، وَلِعَظِيمِ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنَ الْخَطَرِ، لَكِنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ، غَيْرُ منصوصٍ عَلَيْهِ فِي جَمِيعِ الأُمور، وإنَّما نُهي عَنْ بَعْضِ أَنْوَاعِهِ مِمَّا يعظُم فِيهِ الْغَرَرُ، فَجُعِلت أُصولًا يُقاس عليها غيرها، فَإِذَا قلَّ الغررُ وَسَهُلَ الْأَمْرُ وَقَلَّ النِّزَاعُ ومَسَّتِ الْحَاجَةُ إِلَى الْمُسَامَحَةِ فَلَا بُدَّ مِنَ الْقَوْلِ بِهَا، وَمِنْ هَذَا الْقَبِيلِ مَسْأَلَةُ التَّقْدِيرِ في ماءِ الحمَّام ومدة اللبث. فتأمَّلوا كيف وُجِدَ الاستثناءُ مِنَ الأُصول الثَّابِتَةِ بِالْحَرَجِ وَالْمَشَقَّةِ. وَأَيْنَ هَذَا مِنْ زَعْمِ الزَّاعِمِ أنَّه اسْتِحْسَانُ الْعَقْلِ بِحَسَبِ الْعَوَائِدِ فَقَطْ؟. فَتَبَيَّنَ لَكَ بَوْنُ (٣) مَا بين المنزلتين.

(١) رواه مسلم (١٥٨٧) من حديث عبادة بن الصامت ﵁. (٢) الغرر: الجهالة التي قد تُؤدي إلى خطرٍ أو ضررٍ. (٣) البَوْنُ: البُعْدُ.

1 / 109