الفصل الأول
[في الاجتهاد والتقليد]
[ضرورة التزام مذهب]
اعْلَمْ أَنَّهُ لا بدّ لِلمُكَلَّفِ غَيْرِ المُجْتَهِدِ المُطْلَقِ مِن الْتِزَامِ التَّقْلِيدِ لِمَذْهَبٍ مُعَيَّنٍ مِنْ مَذَاهِبِ الأَئِمَّةِ الأَرْبَعَةِ في الفُروعِ الاجْتِهَادِيَّةِ.
أَمّا المُجْتَهِدُ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ التَّقْلِيدُ فيما هُوَ مُجْتَهِدٌ فِيهِ؛ لِتَمَكُّنِهِ مِنَ الاجْتِهَادِ الَّذِي هُوَ أَصْلُ التَّقْلِيدِ. لَكِنَّ المُجْتَهِدَ المُسْتَقِلَّ بِوُجُودِ الشَّرَائِطِ الَّتِي ذَكَرَها الأصْحابُ في أَوَائِلِ القَضَاءِ(١) مَفْقُودٌ مِنْ نَحْوِ سِتُّمائَةِ سَنَةٍ.
[المَذاهِبُ الفِقْهِيَّةُ]
وَلَيْسَتِ المَذاهِبُ المَتْبُوعَةُ مُنْحَصِرَةً فِي الأَرْبَعَةِ؛ لأَنَّ المُجْتَهِدِينَ مِنْ هذِهِ الأُمَّةِ لا يُحْصَوْنَ كَثْرَةً، وَكُلٌّ لَهُ مَذْهَبٌ مِنَ الصَّحابَةِ والتَّابِعِينَ، وَأَتْباعِ التَّابِعِينَ، وهَلُمَّ جَرًّا.
(١) قوله: (ذكرها الأصحاب) أي الفقهاء الشافعية (في أوائل القضاء) يعني شروط القاضي التي يذكرها الفقهاء في أوائل أبواب القضاء من كتبهم الفقهية.