Mukhtasar al-Fawa'id al-Makkiyah fi ma Yahtajuhu Talabat al-Shafi'iyyah
مختصر الفوائد المكية فيما يحتاجه طلبة الشافعية
Investigator
يوسف بن عبد الرحمن المرعشلي
Publisher
دار البشائر الإسلامية
Edition Number
الأولى
Publication Year
1425 AH
Publisher Location
بيروت
مَكْتَبةُ نِظَامْ يَعْقُوبِي الخَاصَّةِ - البَحْرَيْن
سِلْسِلَةُ دَفَائِن الخَزَائِن
١٠
مُخْتَصَرُ
القَوَاعِد المَكِيّةَ
فِيْمَا يَحْتَاجُهُ طَلَبَةُ الشَّافِعِيَّةِ
لِلْعَلَّامَةِ الشَّيْخِ عَلَوِيٌ بْن أَحْمَد السَّقَّافِ الشَّافِعِيِّ المَكِّيِّ
(١٢٥٥ - ١٣٣٥ هـ)
تَحْقِيقٌ وَتَعْلِيقٌ
د. يُوسُف بْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ المَرْعَشْلِي
أُسْتَاذُ الفِقْهِ الشَّافِعِيِّ فِي كُلِيَّةِ الشَّرِيعَةِ
بجَامِعَةِ بَيْرُوتَ الإِسْلامِيَّةِ
دَارُ البَشَائِرِ الإِسْلامِيَّة
1
بسم الله الرحمن الرحيم
2
مُخْتَصَرُ
الفؤائد المكية
فِيْمَا يَحْتَاجُهُ طَلَبَةُ الشَّافِعِيَّةِ
3
جَمِيعُ الْحُقُوقِ مَحْفُوظَةٌ
الطَّبْعَةُ الأولى
١٤٢٥ هـ - ٢٠٠٤ م
شركة دار البشائر الإسْلاميّة
لِلطِّبَاعَةِ وَالنَّشْرِ وَالتّوْزِيعِ ش.م.م
أسّسها الشيخ رمزي ومشقية رحمه اللّه تعالى سنة ١٤٠٣هـ - ١٩٨٣م
بَيروتٌ - لبنانْ
ص.ب: ١٤/٥٩٥٥
هَاتف: ٧٠٢٨٥٧
e-mail: bashaer@cyberia.net.lb
فَاكس : ٧٠٤٩٦٣ / ٠٠٩٦١١
4
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
مقدمة المحقّق
الحمد لله ﴿ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ ﴾ عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ﴾، والصلاة والسلام الأتمّان الأكملان على سيّدنا محمد خير معلّم، وعلى آله وأصحابه الذين حَمَلُوا الدين عنه وعملوا به وبلّغوه من بعدهم، وبعد:
فهذا كتاب ((مختصر الفوائد المكيّة))، اختصره مؤلّف الأصل الشيخ علوي بن أحمد السقّافِ الشافعي المكي (ت ١٣٣٥هـ).
و ((الفوائد المكّيّة)) كتاب لا غنى عنه لطالب علم، ضمَّنَهُ: أهميّةَ العلم، وأنواعه، وبيان النافع منه للمسلم، وآداب العالم، والمتعلّم، وفوائد تحصيل الكتب، ولزوم العلماء لطلب العلم، وضرورة التزام مذهب معيّن في الفروع الفقهية، وبيان المذاهب الأربعة، وحكم التقليد والاجتهاد، وأقسام المتفقّهة، ومذهب العامّي، وحكم التقليد في الاعتقاد، ومراتب العلماء، واختلافهم، وبيان أهمّ الكتب الفقهية عند الشافعية، وتاريخ المذهب الشافعي منذ نشأته على يد الإِمام الشافعي إلى زماننا هذا، وكيف وصل إلينا، ودور الشيخين الرافعي والنووي في تحرير المذهب وتنقيحه، وبيان الكتب المعتمدة في المذهب.
5
ثم ذكر اصطلاحات فقهاء الشافعية وعباراتهم في كتبهم ومعانيها، وصيغ التحديث عند المحدّثين، وأحكام تتعلق بقراءة كتب حكايات مشهورة عند العامة لا أصل لها ولا سند، ولا فائدة فيها، وحكم الرقی برموز وكلمات غير مفهومة ولا عربية، وحكم رواية الإِسرائيليات والموضوعات. وختم بذكر أشعار فيها فوائد لطالب العلم ومسائل مهمّة فيه. وقد اختصر عبارته في هذا المختصر، فجاء وافياً بالمقصود، دون تطويل مُمِلّ، أو اختصار مُخِلّ.
وقد أخبرني الأخ الفاضل محمد بن ناصر العجمي حفظه الله عن رغبته بمراجعة المختصر قبل نشره خدمَةً لطلّب العلم، ولبّيت طلبه لعلمي بأهمّيّة هذا المختصر النافع، وشغفي بمطالعته منذ مدّة، في طبعته القديمة بالمطبعة الميريّة، بمكة المكرمة سنة ١٣١٧هـ، وإحساسي بضرورة إخراجه بطبعة علمية محقّقة مخرّجة مضبوطة، تساعد طالب العلم على فهم مسائله بسهولة، وتيسّر عليه مطالعته، فوافقت رغبته الصادقة ما كنت أشعر به، فأقبلتُ عليه باهتمام بالغ مُستعيناً بالله على تقريب عباراته للمطالع فيه، وكشف غامضه، وشرح مشكله.
ولا يفوتني أن أنوّه أنني قمت بهذا العمل وَفاءً لحقّ أخي وزميلي المرحوم رمزي سعد الدين دمشقية، صاحب ((دار البشائر الإِسلامية)) الذي كان مهتمّاً بإخراج دُرَر العلم ونفائسه، تقبل الله منا هذا العمل وأضافهُ إلى صحائف عمله، وتغمده وأناله واسع رحماته، إنه سميع قريب مجيب.
وصلَّى الله وسلَّم وبارك على معلم الخير سيدنا محمد بن عبد الله، وعلى آله وصحبه أجمعين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
بیروت/ في ٢٩ رمضان ١٤٢٤ هـ
وكتب
يوسف بن عبد الرّحمن المرعشلي
6
ترجمة المؤلف علوي السقاف
(١٢٥٥ _ ١٣٣٥هـ)
هو علوي بن أحمد بن عبد الرحمن السقاف الشافعي المكي: نقيب السادة العلويين بمكة، وأحد علمائها. وُلد بها، وولي النقابة سنة ١٢٩٨ هـ.
وهاجر بعائلته إلى ((لحج)) سنة ١٣١١ هـ، بدعوة من أميرها (الفضل بن علي) فأقام إلى سنة ١٣٢٧ هـ وعاد إلى مكة، فاستمر إلى أن توفي.
له: (ترشيح المستفيدين - ط)، حاشية في فقه الشافعية.
و (فتح العلام بأحكام السلام - ط)، فقه.
و (القول الجامع المتين في بعض المهمّ من حقوق إخواننا المسلمين - ط).
و (الفوائد المكية - ط)، رسالة في الفقه.
و (القول الجامع النجيح في أحكام صلاة التسابيح - ط).
ومنظومة في (الأنبياء الذين يجب الإِيمان بهم - ط).
و (نظم في معرفة الوقت والقبلة - ط).
و (مجموعة - خ)، فيها سبع رسائل.
و (مصطفى العلوم - خ)، منظومة لخص بها ثلاثين علماً.
7
و ((أنساب أهل البيت - خ)).
و ((مطلب الراغب فيما يحتاج إليه الطالب - خ))، كتبت النسخة سنة ١٢٨٦ هـ. وهي في مكتبة الجاويش ببيروت.
ورسائل في النحو والفلك والحساب والميقات، وغير ذلك(١).
(١) في كتاب ((هدية الزمن في أخبار ملوك لحج وعدن))، ص ١٨٨ أن صاحب الترجمة ((اضطر أن يترك مكة، هو وجماعة من العلماء، تجنباً لأذى الشريف عون))، وأنه تولى التدريس في لحج، وانتفع بعلمه كثيرون من أبنائها. وانظر: ((الأعلام)) للزركلي (بيروت، دار العلم للملايين، ط ٦، ١٤٠٤ هـ/ ١٩٨٤) ٢٤٩/٥.
8
بسم الله الرحمن الرحيم
[تمهيد المؤلف]
الحمد لله ربّ العالمين، اللَّهمّ صلّ وسلّم على محمدٍ عَبْدِكَ ورسولِك، النبيِّ الأُمِّي، وعلى آل محمدٍ وأَزْواجه وذرِّيَّته، كما صلَّيتَ على إبراهيمَ، وعلى آلِ إبراهيمَ، في العالمينَ إِنَّكَ حَميدٌ مَجيدٌ، وأشهدُ أن لا إله إلاّ اللّهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهد أن محمداً عبدُه ورسولُه، أرْسَلَهُ بالهُدَى ودينِ الحقّ لِيُظْهِرَهُ على الدينِ كلِّه ولو كَرِهَ المُشْرِكون.
أمّا بعدُ: فهذه قَواعِدُ وضَوابطُ، وأُصولٌ مُهِمَّاتٌ، ومَقاصِدُ مَطْلوباتٌ، يحتاجُ إليها طالبُ العِلْمِ، التقطتُّها من رسالةٍ لي كنتُ جَمَعْتُها أيّامَ الطَلَبِ مِنْ شَوارِدِ الكُتُبِ سَمَّيْتُها: ((الفَوَائِدَ المَكِّيَّة فيما يَحْتَاجُهُ طَلَبَةُ الشافِعِيَّة))(١) تقريباً للقاصِرِين مِثْلِي مِنْ إخْواني الطَلَبَةِ، ولأنّي رأيتُ تِلكَ صارَت بالسَّفِينَةِ أَشْبَهُ، ورَتَبْتُها على مُقَدّمَةٍ وَفَصْلَيْنِ وخَاتِمة.
(١) طبع في مطبعة الأعلام بمصر ط ١، عام ١٣٠٣هـ، في ١١٦ ص. وطبع في المطبعة الميرية بمكّة المكرمة، ط ٢، عام ١٣١٧ هـ، في ٩٠ ص، ضمن مجموع مشتمل على ثمانية كتب للمؤلّف.
9
ومهما وَجَدْتَ يا أخي تحريفاً، أوْ كلاماً لم يَظْهَرْ لك، فلا تَبْدُرْ إنكارَه، وزِدْ فِي تَأَملِه، أوِ انظُرْ ما عَزَيْتُ إليك تلك العِبارة هنا، أَوْ في الأصلِ، لَتتبعَ ذلك، وتُقِيمَهُ مِنْ ماذَّتِها.
فَقَدْ حَرَصْتُ على عَزْوِ العَبائِرِ لأَرْبابِها، وجَعَلْتُ نَفْسِي مُبَلِّغاً مَحْضاً لِطُلَّابها، ورُبَّ مُبَلِّغْ رِسالةً إلى مَنْ هُو أَدْرَى بها، غير أنّها بحَمْدِ الله جاءَتْ كَأَصْلِها، جامعة لِمَا لَمْ يَجْتَمِعْ لكَ قَبْلُ في رسالةٍ أو كتاب، وتَمَيَّزَتْ بما يَعْتَرِفُ بِفَضْلِهِ الفُضَلاء من الطُّلَّابِ، فدونَكَ مُؤَلَّفاً جَمَعَ لك أشتاتَ المُهِمَّاتِ، وَقَرَّبَ ما تَفَرَّقَ عليكَ في كثيرٍ مِنَ الأُمَّهاتِ، فَأَسْأَلُ اللَّهَ تعالى أن يجعل جَمْعِي له خالصاً لِوَجْهِهِ الكريم، ومُوجِباً لِلفَوْزِ في يوم لا ينفع فيه مالٌ ولا بُنُونَ إلَّ مَنْ أَتَى الله بِقَلْبٍ سَلیمٍ.
10
المقَدّمَة
[في فضل العلم والعبادة]
قال الإِمامُ الهُمَامُ، حُجَّةُ اللَّهِ تعالى على أهلِ الإِسلام: محمدُ بن محمدِ بن محمدِ الغَزَالِيِّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالی ونفعنا به :
(اعلم أنَّ العِلْمَ والعبادَةَ جَوْهرانِ لَأَجْلِهِمَا كان كلُّ ما تَرَى وتَسْمَعُ مِنْ تَصْنِيفِ المُصَنِّفِين، وتَعْلِيم المُعَلِّمين، ووَعْظِ الواعِظين، ونَظَرِ النَّاظِرِين، بل لأَجْلِهِما أُنْزِلَتِ الكُتُبُ، وَأُرْسِلَتِ الرُّسُلُ، وَلَأَجْلِهِما خُلِقَتِ السَّماواتُ والأرضُ وما فيهما، فتأمَّلْ آيَتَيْنِ في كتابِ الله تعالى :
(إحداهما) قوله تعالى: ﴿اللَّهُ الَّذِى خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَىْءٍ عِلْمًا﴾(١)، وَكَفَى بِهَذِهِ الآيةِ دليلاً على شَرَفِ العِلْم، ولا سِيَّما عِلْمُ التَّوْحِيدِ.
(الثّانيةُ) قوله تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾(٢)،
(١) سورة الطلاق: الآية ١٢ .
(٢) سورة الذاريات: الآية ٥٦.
11
وَكَفَى بهذه الآيةِ دَلِيلاً على شَرَفِ العِبَادةِ، ولُزُومِ الإِقْبَالِ عَلَيْها، فَأَعْظِمْ بِأَمْرَيْنِ هما المقصودُ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ تعالى، فَحُقَّ للعَبْدِ أن لا يَشْتَغِلَ إلاَّ بِهِما، ولا يَنْظُرَ إلَّا فيهما. وَاعْلَمْ أنّ ما سِواهُما مِنَ الأمور لا خَيْرَ فيه، ولا حاصِلَ فیه.
[فضل العلم]
فإذا عَلِمْتَ ذلك فَاعْلَمْ أنَّ العِلْمَ أَشْرَفُ الجَوْهَرَيْنِ وَأَفْضَلُهما، وَمَعَ ذلك فلا بُدَّ مع العِلْمِ مِنَ العَمَلِ بِهِ، وإلَّ كان هَباءً مَنْثوراً؛ فَإنَّ العِلْمَ بِمَنْزِلَةِ الشَّجَرَةِ، والعِبَادَةَ بمنزلةِ الثَّمَرَة. والشَّرَفُ لِلشَّجَرَةِ؛ إِذْ هِيَ الأَصْلُ، للكِنَّ الانتفاعَ إنّما يَحْصُلُ بِثَمَرِها، فَإِذَنْ لا بُدَّ أن يكونَ لَكَ مِنْ كُلِّ مِنَ الأَمْرَيْنِ حَظُّ ونَصِيبٌ، بل لا بُدَّ للعَبْدِ من أربعةِ أشياء: العِلْمُ، والعَمَلُ، والإِخْلاصُ، والخوفُ.
فَيَعْلَمُ الطريقَ أَوَّلاً، وَإِلَّا فهو أَعْمَى، ثمَّ يَعْمَلَ بِعِلْمِهِ ثانياً، وإلاّ فَهُوَ مَحْجُوبٌ، ثم يُخْلِصَ العَمَلَ ثالثاً، وَإِلَّا فَهُوَ مَغْبُونٌ، ثُمَّ لا يزالُ يخافُ وَيَحْذَرُ مِنَ الآفاتِ، وَإِلَّا فَهُوَ مَغْرُورٌ؛ فَإِنَّ الأَعْمالَ بِخَواتيمها، وما يَدْرِي ما يُخْتَمُ له). اهـ.
وفي ((نَشْرِ الأَعْلام)) لِشَيْخِنَا العلاَّمة مُفتي الدِّيارِ اليمنيّة السيِّد محمَّد بنِ أَحْمَد بن عَبْدِ البارِي(١) شرح ((البَيَان)) للسيد أبي بكر
(١) هو السيّد محمد بن أحمد بن عبد الباري الأهدل الحُسَيْنِي التُّهامِي، مِن أهل تِهامَة اليمن، الشافعي وُلد سنة ١٢٤١ هـ، له كتب كثيرة منها: ((تسديد البيان للمشتغلين بحكمة اليونان)) توفي سنة ١٢٩٨ هـ. (انظر: ((نيل الوطر في أعيان =
12
الأَهْدَل(١) مَا مُلَخَصُهُ: (قَالَ العُلماءُ: لا يجوزُ لَأَحَدٍ أَنْ يُقْدِمَ عَلَى أَمْرٍ حتّى يَعْلَمَ حُكْمَ اللَّهِ فيه، قَال الشافعيُّ: إجماعاً؛ لقوله صلي الله عليه وسلم : ((العِلْمُ إمامُ العَمَلِ))(٢) والعَمَلُ تَابِعُهُ، والعَمَلُ ثَمَرَتُهُ، والاشْتِغَالُ بالعِلْمِ الشَّرْعِيِّ وآلاتِه أفضلُ من صَلاَةِ النافِلَةِ الرَّواتِبِ وغَيْرِها، ويُقَيِّدُ ما ذَكَرُوهُ مِنْ إِخْلالِ تَرْكِهَا بالعَدالة، بما إذا كانَ مِنْ غيرِ أَنْ يَصْرِفَ زَمَنَها لِمَا هُوَ
= اليمن في القرن الثالث عشر))، لزيارة ٢٢٤/٢)، وكتابه: ((نَشْرُ الأعلام شرح البيان والإِعلام بمهِمَّات أحكام أركان الإسلام)) شرح فيه كتاب ((البيان والإِعلام))، لأبي بكر الأهدل (ت ١٠٣٥ هـ).
(١) هو السيّد أبو بكر بن أبي القاسم بن أحمد بن محمد الأَهْدَل الحُسَيْني اليمني التهامي، مِن أهل تِهامة اليمن. وُلد سنة ٩٨٤هـ، وله كتب كثيرة منها: ((نفحة المندل بذكر بني الأهدل))، ومعنى الأَهْدَل: الأَدْنَى الأقرب، ترجم به نفسه، توفي بقرية ((المحط)) سنة ١٠٣٥ هـ، (انظر: خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر، للمُحِبِّي ٦٤/١)، وكتابه: ((البيان والإِعلام بمهمّات أحكام أركان الإِسلام)) مخطوط في جامعة الملك سعود في الرياض برقم [١/٢٠٤٠/ م] ضمن مجموع ق (١ - ٤٣ / أ) بخطّ صلاح بن سلمان الغَزّي سنة ١١٥٩ هـ (الفهرس الشامل للمخطوطات - الفقه - ٢ /١٩٤).
(٢) لم أجده بهذا اللفظ، لكن رُوِيَّ ما في معناه عن أبي حنيفة رضي الله عنه حديث: ((العِلْمُ رَأْسُ العِبَادَةِ))، أخرجه محمد بن إسحاق بن محمد بن يحيى ابن مَنْدَه في ((مسند إبراهيم بن أدهم الزاهد))، ص ٤٦ تحقيق: مجدي السيّد إبراهيم، (القاهرة، مكتبة القرآن، ط ١، ١٤٠٨ هـ، ٦٣ ص)، ورُوِيَ عن ابن عباس رضي الله عنه حديث: ((العلم أفضل مِن العِبادة، ومِلاَّكُ الدين الوَرَعِ)).
أخرجه الخطيب البغدادي في ((تاريخ بغداد))، وابن عبد البر في ((جامِع بيان العلم))، وأخرج ابن عبد البَرّ أيضاً عن أبي هريرة رضي الله عنه: ((العِلْمُ خَيْرٌ مِنَ العِبَادَة، ومِلاَّكُ الدين الورع)). وأخرج نحوه أبو الشيخ ابن حيّان عن عُبَادَة بن الصامت رضي الله عنه.
13
أَفْضَلُ مِنْها، ولَأَنَّ العِلْمَ مِنْ عَمَلِ القَلْبِ، بِخلافٍ غَيْرِهِ مِنْ بَقِيَّةِ الأَعْمَالِ فَإِنَّهُ مِنْ عَمَلِ الجَوارِحِ.
وَمَعْلُومٌ أَنَّ عملَ القلبِ أفضلُ من النَّوافِلِ، وهذا يكادُ أن يكونَ مُجْمَعاً عليه؛ فإن كلَّ واحدٍ من الأئِمَّةِ المُجتهدين قال: إنَّ طلبَ العِلْم أفضلُ مِنْ صلاةِ النَّوافِل إذا صحَّتْ فيهِ النيّة). اهـ.
وفي ((الإِيعابِ))(١): (يَتَرَدَّدُ النَّظَرُ في الأفضلِ من الجِهادِ والاشْتِغَالِ بِالعِلْمِ الشَّرْعِيِّ، وَقَضِيَّهُ الحديث أنَّ الثاني أفْضَلُ. نَعَمْ، إِنْ احْتِيجَ في ناحِيَةٍ إِلى الجِهادِ أَكْثَرَ كانَ أَفْضَلَ). اهـ.
[أَنْواعُ العُلومِ]
ثُمَّ إِنَّ العُلومَ أَنْواعٌ:
شَرْعِيَّةٌ، وهي ثلاثةٌ: الفِقْهُ، والتَّفسيرُ، والحَدِيثُ.
وَأَدَبِيَّةٌ، وهِيَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ عِلْماً: عِلْمُ اللُّغَةِ، وعِلْمُ الاشتِقَاقِ، وعِلْمُ التَّصريفِ، وعِلْمُ النَّحْوِ، وعِلْمُ المَعَانِي، وعِلْمُ البَيَانِ، وعِلْمُ البَدِيعِ، وعِلْمُ العَرُوضِ، وعِلْمُ القَوَافِي، وعِلْمُ قَرِيضِ الشِّعْرِ، وعِلْمُ إِنْشَاءِ النَّثْرِ،
(١) كتاب ((الإِيعاب في شرح العُباب)) في الفقه الشافعي، لأبي العَبّاس، أحمد بن محمد بن علي ابن حجر الهيتمي (ت ٩٧٤هـ) شرح به كتاب ((العُبَاب المحيط بمُعظم نُصوص الشافعي والأصحاب))، لصفيّ الدين أحمد بن عمر بن محمد بن المذحجي الزَّبيدي اليمني، المعروف بالمُزَجَّد (ت ٩٣٠هـ). و ((الإِيعاب)) مخطوط له (١٦) نسخة، أقدمها في المكتبة الأزهرية بالقاهرة برقم [(٧٥٤) ٥٦٧٦] - في ٣٤٩، ٣١٠، ٤٥٩، في ٣ مج، (الفهرس الشامل للمخطوطات - الفقه ٨٣٨/١ ورقة).
14
وعِلْمُ الكِتابَةِ، وعِلْمُ القِراءاتِ(١) والمُحاضراتِ، ومنه التَّواریخُ.
وَرِيَاضِيّة، وهي عَشَرَةٌ: عِلْمُ التَّصَوُّفِ، وعِلْمُ الهَنْدَسَةِ، وعِلْم الهَيْئَةِ، وعِلْمُ التَّعْلِيم، وعِلْمُ الحِسَابِ، وعِلْمُ الجَيْرِ، وعِلْمُ المُوسِيقَى، وعِلْمُ السِّياسَةِ، وعِلَّمُ الأَخْلاقِ، وعِلْمُ تَذْبِيرِ المَنْزِلِ.
وَعَقْلِيَّة، وهي ما عَدا ذلك؛ كالمَنْطِقِ، والجَدَلِ، وَأُصُولِ الفِقْهِ، وأُصُولِ الدينِ، وَالعِلْمِ الإِللهِيِّ، والعِلْمِ الطَّبِيعِيِّ، والطِبِّ، وعِلْم المِيقَاتِ، وعِلْمِ النَّوامِيسِ(٢)، والفَلْسَفَةِ، والكِيمْياءِ. وقد أَوْرَدْتُها معَ بيانِ حُدودِها وفَوائِدِها في الأصْلِ.
وَالْمَقْصُودُ مِنْ ذَلِكَ سَبْعَةُ عُلُومٍ: عِلْمُ أُصُولِ الدينِ، ويُسَمَّى عِلْمُ التَّوْحِيدِ، وهو أَفْضَلُها، فَالقِرَاءَاتُ، فالتَّفْسِيرُ، فالحديثُ، فَأُصولُ الفِقْهِ، فالفِقْهُ، وهو بَعْدَ صِحَّة الإِيمانِ أَهمُها.
ونِهِايَتُه: مَبَادِىءُ التَّصَوُّفِ المُسَمَّاةُ ((بالطَّرِيقَةِ))، وغايتُها: عِلْمُ الحَقيقَةِ، فَالطِبُّ، وهُوَ تَالِي الفِقْهِ، ولهذا قال إمامُنا الشافِعِيُّ رحمه الله تعالى: (العِلْمُ عِلْمانِ: عِلْمُ الفِقْهِ للَأَدْيانِ، وعِلْمُ الطِبِّ للَبْدانِ).
والآلاتُ أَفْضَلُ من الطِبّ؛ وأَهَمُّها ثَلاثَةٌ: النَّحْوُ، واللُّغَةُ، والحِسَابُ المُرادُ لِتَصْحيح المسائل.
وجَميعُ العُلومِ العَقْلِيّة والنَّقْلِيَّةِ مُسْتَنْبَطَةٌ مِنَ الكِتَابِ العَزيز، كما قال سيِّدُنا الإِمامُ الشريفُ الشيخُ عبدُ الله بن عَلَوِي الحَدَّاد
(١) علم القراءات القرآنية يُعتبر من العلوم الأدبية لأن منشأ اختلافها اللغات.
(٢) علم النواميس هو العلم بقوانين سير المادّيّات في العالم، وهو الفيزياء.
15
بَاعَلَوِي(١)، ألا إِنَّهُ البَحْرُ المُحِيطُ، وغيرُه مِنَ الكُتُبِ أَنْهَارٌ تُمَدُّ مِنَ البَحْرِ، بل وفيه أُصُولُ الصَّنَائِع، وَأَسْماءُ الآلاتِ التي يُضْطَرُّ إليها، وضُرُوبُ المَأْكولات، وَالْمَشْرُوباتِ، وَالمَنْكُوحَاتِ، وجَميعُ ما كانَ ويكونُ في الكائناتِ، ممّا يُحَقِّقُ معنى قوله تعالى: ﴿مَّا فَرَّطْنَا فِىِ الْكِتَبِ مِن شَىْءٍ﴾(٢)، وفي الخَبَرِ: ((إنَّ فيهِ نَبَأُ مَنْ قَبْلَكُم، وخَبَرَ مَنْ بَعْدَكُمْ، وحُكْمُ ما بَيْنَكُمْ))(٣).
قالَ الإِمام الشَّافعيّ رحمه الله تعالى: (ما مِنْ حادِثَةٍ وَقَعَتْ أو سَتَقَعُ إِلى يَوْمِ القِيامَةِ إِلَّا وَلَهَا في كتابِ اللَّهِ عِزَّ وجَلَّ وسُنَّةِ
(١) هو عبد الله بن عَلَوِي بن محمد بن أحمد المُهاجر بن عيسى، الحُسَيْني الحضرمي، المعروف بالحَدَّاد باعَلَوِي، عالِمٌ مِن أهل ((تَرِيم)) بحضرموت، وُلد في ((السبير)) سنة ١٠٤٤ هـ، وتوفي في ((الحاوِي)) سنة ١١٣٢ هـ ودُفِنَ بتريم. كان كفيفاً، ذهب الجُدَرِي بِبَصَرِه طفلاً، له رسائل منها: ((عقيدة التوحيد)) وغيرها (انظر: المُرادي، سِلْكُ الدُّرَر في أعيان القرن الثاني عشر ٩٢/٣).
(٢) سورة الأنعام: الآية ٣٨.
(٣) مِن حديث طويل عن عليٍّ بن أبي طالب رضي الله عنه، أَوَّلُه: ((أَلَاَ إنها ستكونُ فِتْنَةٌ، فَقُلْتُ: ما المَخْرَجُ منها يا رسولَ الله؟ قال: كتابُ اللَّهِ، فيهِ نَبَأُ ما قَبْلَكم ... )) الحديث، أخرجه الدارمي في سننه ٤٣٥/٢، في كتاب فضائل القرآن، باب فضل مَن قرأ القرآن، وأخرجه الترمذي في سننه ٥/ ١٧٢، في كتاب فضائل فضائل القرآن، باب ما جاء في فضل القرآن، الحديث (٢٩٠٦). وأخرج نحوه أحمد في المسند ٩١/١ من حديث عليّ أيضاً، أوّله: ((أتاني جبريل عليه السلام فقال: يا محمد! إنّ أُمَّتْك مُخْتَلِفَةٌ بَعْدَك، قال: فقلتُ له: فأين المَخْرَجُ يا جِبْرِيلُ؟ قال: فقال: كتابُ اللَّهِ تعالى، بِهِ يَقْصِمُ اللَّهُ كلَّ جَبّار، مَنِ اعْتَصَمَ به نَجا، ومَن تَرَكَهُ هَلَكَ - مَرَّتَيْنِ - قَوْلٌ فَصْلٌ، وَلَيْسَ بِالهَزْلِ، لا تَخْتَلِقُهُ الأَلْسُنُ ولا تَفْنَى أَعاجِيبُه، فيه نَبَأ ما كان قَبْلَكم ... )) الحديث.
16
رَسولِهِ ﷺ مَنْزَعٌ وَمَأْخَذٌ، عَلِمَهُ مَنْ عَلِمَهُ وجَهِلَهُ مَنْ جَهِلَهُ). اهـ.
[كيفيةُ طلبِ العلمِ]
فينبغي للطالبِ أن يُقدِّمَ الأهمَّ فالأهمَّ، ولا يستغرقَ عمرَهُ في فنٍّ واحدٍ ويُعادي غيرَهُ من العلومِ؛ لأنَّ العلومَ متعاونةٌ، بعضُها يربطُ بعضاً، ولأنَّ الشخصَ لا يكمُلُ إلَّا إذا شارَكَ في غالبِ العلومِ، فيأخذُ بكلِّ علمٍ من العلومِ الواسعةِ النافعةِ ما يخرجُ به عن معاداتِهِ، أي عن الجهلِ به؛ لأنَّ من جهلَ شيئاً عاداهُ، وإنَّما يخرجُ من معاداةِ كلِّ فنٍّ إذا أخذَ منه أهمَّهُ وأنفعَهُ، وهو ما يقفُ به على جميعِ أبوابِهِ، وأصولِ مسائلِهِ، بعدَ معرفةِ حدِّهِ، وموضوعِهِ، ونحوِهِما ممّا ينبغي تقديمُه على الخوضِ في كلِّ فن، ليكونَ على بصيرةٍ في طلبِهِ لذلكَ الفنِّ إذا أرادَ الشروعَ فيه، وليتعرَّفَ ضوابطَهُ وقواعدَهُ الكلياتِ، لينضبطَ له ما يتنزَّلُ عليها من الجزئياتِ، إذْ إحاطةُ المخلوقِ بالعلمِ محالٌ عقلاً ونقلاً؛ ولهذا قيلَ (شعر):
ما حوى العلمَ جميعاً أحدٌ لا ولو مارسَهُ ألفَ سنَّهْ
وليحذرِ الطالبُ أن يكونَ لنفسِهِ نزوعٌ إلى شيءٍ من العلومِ المحرَّمةِ كالسحرِ، فضلاً عن مطالعتِها، وكذا التنجيمُ، والرملُ، والشعبذةُ ونحوُها، أوِ المكروهةِ، كعلمِ أشعارِ المؤلَّدينَ، المشتملةِ على البطالةِ، أوِ المباحةِ كعلمِ الحسابِ الذي لا يُحتاجُ إليهِ في أحكامِ الدينِ.
17
[ أقسام العلوم ]
وَيَنْقَسِمُ العِلْمُ غالباً إِلَى فَرْضِ عَيْنٍ، وَفَرْضِ كِفَايَةٍ.
(فالأوَّلُ) ما لا رُخْصَةَ لِمُكَلَّفٍ في جَهْلِهِ، وهو عِلْمُ ما تَتَوَقَّفُ عليه صِحَّةُ إِيمانِهِ، مِنَ الأُصُولِ الدِّينِيَّةِ، وعِلْمُ ظواهِرِ ما يَتَعَلَّقُ بهِ في الحالِ، وَلَوْ نَفْلاً، مِنَ الأَحْكَامِ الفِقْهِيَّةِ.
فَعَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ قَادِرٍ تَعَلُّمُ ما لا يَصِحُّ إِيمانُهُ بِدُونِهِ.
وما يَحتاجُه في نَحْوِ وُضُوئِهِ وَصَلاتِهِ وَصَوْمِهِ، وزَكَاةٍ وَجَبَتْ عَلَيْهِ، وحَجِّ أَرَادَهُ، وفيما يُباشِرُه مِنْ مُعامَلَةٍ، وَصِناعَةٍ، ومُناكَحَةٍ، ومُعاشَرَةٍ ونحوها.
وهذا على الأصَحّ هُوَ المُراد بالعِلْمِ في الحديث المَشْهُورِ: ((طَلَبُ العِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ))(١). وَمِنْهُ تَجْوِيدُ الفاتِحَةِ، وَعِلْمُ القَلْبِ المُحتاجُ إِلَيهِ في تَطْهِيرِهِ ومُدَاواتِهِ، حتّى يَتَخَلَّى عَنْ دَنِيءِ الأَخْلاقِ، وَيَتَحَلَّى بِسَنِيِّها، وذلك هو ((التَّصَوُّفُ))، وهو فَرْضُ عَيْنِ.
(١) حديث ((طلب العلم فريضة على كل مسلم))، أخرجه ابن ماجه في سننه ٨١/١ من رواية أنس بن مالك، في المقدّمة، باب فضل العلماء والحَثّ على طلب العلم، الحديث (٢٢٤). وفي الزوائد: (إسناده ضعيف، لضعف حفص بن سليمان). قال السيوطي: سُئِل الشيخ مُحيي الدين النووي رحمه الله عن هذا الحديث، فقال: إنه ضعيف - أي سَنَداً - وإن كان صحيحاً - أي معنَى - وقال تلميذه جمال الدين المِزّي: هذا الحديث رويَ مِنْ طُرُق تَبْلُغْ رُتْبَةَ الحُسْنِ. وهو كما قال، فإني رأيتُ له خمسين طريقاً، وقد جمعتُها في ((جُزْء)) ). انتهى كلام السيوطي.
18
(والثَّاني) ما إذا قامَ به البَعْضُ سَقَطَ الحَرَجُ عَنِ الباقِينَ، وإلَّا أَثِمَ كُلُّ مَنْ لا عُذْرَ لَهُ، وهو ما تَدْعُو إليه ضَرورةُ المُسْلِمِينَ من الأحكامِ الشَّرْعِيَّةِ، ولو نادِراً؛ ومِنْهُ: حِفْظُ القُرآنِ، وَتَجْوِيدُهُ، غَيْرِ الفاتِحَةِ، وسائِرُ عُلُومِ الشَّرْع، وآلاتِها التي لا يَتِمُّ الاجْتِهَادُ المَفْرُوضُ على الكِفايَةِ أيضاً بِدُونِها، والطِبُّ.
وقد يَكُونُ العِلْمُ أَيْضاً مَنْدوباً، كَعِلْم الرَّقائِقِ، وهُوَ عِلْمُ الوَعْظِ والتَّذْكِيرِ والآياتِ والأحادِيثِ المُرَغِّبَةِ والمُرَهِّبَةِ، وَسِيَرِ الصَّالِحِين، وبِهِ تَتِمُّ أَقْسَامُ العُلومِ الخَمْسَةِ، وَقَدْ أَطَلْتُ النَّقْلَ عَلَيْهَا فِي الأَصْلِ، بما لا يَنْبَغِي الجَهْلُ بِهِ.
19
فوائد
(الأولى): [مَدَارِكُ العِلْمِ]:
(مَدارِكُ العِلْم الحادِثِ ثلاثَةٌ: الحَوَاسُ السَّلِيمَةُ، والخَبَرُ الصَّادِقُ، ونَظَرُ العَقْلِ.
أمّا الحَوَاسُّ: فهِيَ الخمسُ الظاهِرَةُ المَعْلُومَةُ، وَبِكُلِّ حاسَّةٍ منها يُعْلَمُ ما يَخْتَصُ بِهِ.
وأمّا الخَبَرُ الصادِقُ: فَنَوْعانِ: الخَبَرُ المُتَواتِرُ: وهُو ما سُمِعَ من قَوْمٍ لا يُتَوَهَّمُ تَوَاطُؤُهُمْ على الكَذِبِ، والخَبَرُ المُؤَّيَّدُ بالمُعْجِزَةِ.
فالأوّلُ سَبَبٌ لِلِعِلْمِ الضَّرُورِيّ، والثاني للعِلْمِ الاسْتِدْلالِي.
وأمّا نَظَرُ العَقْلِ: فالحاصِلُ منه نَوْعانِ :
ضَرورٌّ، وهو ما يَحْصُلُ بِأَوَّلِ النَّظَرِ مِنْ غَيْرِ تَفَكُّرٍ.
واسْتِدْلالِيٌّ، وهو ما يُخْتَاجُ فيه إلى نَوْعِ تَفَكّر). اهـ مِنَ ((البَيَانِ))(١).
(الثانية): [حفظ الأصول ومخالفة البدعة]:
اعْلَمْ أَنَّه لا سبيلَ إِلى الوُصُولِ إِلَّا بِحِفْظِ الأُصُولِ.
(١) ((البيان بمهمّات أحكام أركان الإسلام))، لأبي بكر الأهدل، تقدّم ص ١٢.
20