وأما إذا بغت العدو البلد* فلهم أن يجاهدوا عن حريم البلد، من تخلص ومن لم يتخلص، ومن عليه دين يوصي به ويجاهد عدوه، ويدافع عن البلد، وإن لم تمكنه الوصية لبغت العدو جاهد مع أهل البلد، واجب عليه الدفع بالحق، قال الله تعالى: { وقاتلوا في سبيل الله } *، أو ادفعوا فهما هما ولا يكون الجهاد والدفع إلا بعد الدعوة وإقامة الحجة إلا من قامت عليه الحجة فردها فلا دعوة له ومن قتل المسلمين قتل فلا دعوة له، وإن حارب الباغي قوتل حتى يفيء إلى أمر الله، ومن قتل المسلمين قتل وإذا قتلهم على دينهم قتل، ومن المسلمين ببغيه على دينهم أو بيعته أو بدلالته قتل، وقائد البغاة يقتل، ولا دعوة له إذا كانوا قد قتلوا المسلمين، وإذا انهزم البغاة إلى فئة قتل مدبرهم وأجيز على جريحهم*، حتى تؤمن معاودتهم، وإذا انهزموا إلى غير فئة وأمن منهم ألا يرجعوا لم يقتل موليهم ولم يجز على جريحهم، إلا من علم أنه قتل أحدا من المسلمين فإنه يقتل، ولا يستحل من البغاة شيء غير قتلهم، حتى يفيئوا إلى أمر الله، كما أمر الله، ولا سباء عليهم ولا غنيمة مال.
وأما أهل الشرك فإنهم قسمان: اليهود والنصارى والمجوس فإنهم يقاتلون في حال حربهم حتى يقروا بالجزية ويصيروا ذمة أو يقتلوا وتسبى ذراريهم وتغنم أموالهم، وذلك حلال في حال محاربتهم، وإن أقروا بالجزية وطلبوا الصلح والأمان قبل منهم ولا تغنم أموالهم ولا تسبى ذراريهم، وفي حال غنيمة أموالهم وسباء ذراريهم لا يحل تزويجهم، ولا يحل نكاح نسائهم، ولا يحل أيضا وطء إمائهم بتزويج، ولا ملك يمين حتى يسلموا، وإذا صاروا صلحا وأعطوا الجزية حل تزويج نساء أهل الكتاب ولا يحل سباء بعد الصلح، ولا يحل تزويج إمائهم.
وأما المجوس فلا يحل تزويج نسائهم لأن الله حرم المشركات مجملا، ثم استثنى نساء أهل الكتاب بالتزويج عند السلم والصلح، وإعطاء الحق، وهو الجزية.
Page 8