في ذكر القراءة في الصلاة فإذا قام المصلي للصلاة ونواها وأحرم وجعل نظره نحو موضع سجوده، وقام منتصبا وخشع لله بكل قلبه، وأقبل على صلاته، وقرأ بسم الله الرحمن الرحيم حتى يكمل الحمد، فإن كانت صلاة النهار لم يقرأ فيها إلا الحمد سرا في نفسه، كان إماما أو غير إمام أو صلى وحده، وإن كانت صلاة (مما) يقرأ فيها القرآن قرأ مع الحمد سورة ما تيسر من القرآن إلى ثلاث آيات من القرآن ما تيسر بلا حد محدود، فإن كان إماما جهر في صلاة الليل، وما يجهر فيه وقرأ من خلفه الحمد وحدها، ولا يجهر في صلاة النهار، وإن كان غير إمام قرأ الحمد وسورة، أو ما تيسر من القرآن سرا في نفسه، بقدر ما يسمع الأذان، إلا أن يشك فله أن يبين القراءة عند الشك (أو المعنى الصلاة أو لغير ذلك*، ولا تجوز الصلاة إلا بقراءة فاتحة الكتاب العظيم لما قد جاء في الكتاب: { ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم } *، قيل: هي سورة الحمد، سميت بذلك لأنها تثنى في كل صلاة، وقد روي عن النبي - عليه السلام - أنه قال: »كل صلاة لم يقرأ فيها فاتحة الكتاب فهي خداج«، والخداج ليس يكون تاما، وقول آخر: »لا صلاة إلا بقراءة فاتحة الكتاب« فهذا ما يؤكد قراءة فاتحة الكتاب، وبسم الله الرحمن الرحيم من فاتحة الكتاب، ولا يجوز تركها في الصلاة، وما كان يقرأ فيه من فاتحة الكتاب سورة أخرى فما تيسر من القرآن، لقول الله تبارك وتعالى: { فاقرءوا ما تيسر من القرآن } * وقوله: { فاقرءوا ما تيسر منه وأقيموا الصلاة } أقيموها بتمامها في أوقاتها، فالقراءة في الصلاة فرض لا يتم إلا به، ومن ترك القراءة في الصلاة متعمدا أو ناسيا فصلاته فاسدة، وإن نسي شيئا حتى يجاوز الحد ثم ذكر، رجع فقرأ، ثم بنى على صلاته وأتمها، وإن جاوز القراءة من الركوع إلى حد السجود ولم يقرأ فسدت صلاته وابتدأها، وإن هو صار في حد الركوع أو السجود ثم شك أنه لم يقرأ، فإنه يمضي على صلاته ولا يرجع إلى الشك بعد أن جاوز الحد وخرج منه، وقد قيل إن شك فيها وقد فرغ منها فلا يرجع إلى الشك، إذا قال مثل قوله: { ولا الضالين } ثم شك فلا يرجع، وقد اختلفوا فيه أيضا، وإن شك في الحمد وهو في قراءة السورة فلا يرجع إلى الشك وهو أكثر القول، وفيه قول آخر، ومن ترك القراءة في الصلاة أو الإحرام أو ترك من الفرائض شيئا متعمدا وجهلا لم يصل حتى فات الوقت فعليه البدل والكفارة، وإن نسي حتى جاوز الوقت، ولم يذكر حتى فات وقت الصلاة فعليه البدل، ولا كفارة عليه، وإن تجب الكفارة على التارك متعمدا، وإن شك في الاستعاذة وقد دخل في قراءة الحمد أو السورة فلا يرجع إلى الشك.
الباب الثلاثون
Page 42