لا أرجوك لنفسك خاصةً. أزعمتَ أنكَ قاطعٌ رجلًا هجاكَ، من يمحو إذًا ما قال فيك؟ قال: فما أصنعُ به؟ قالتْ: تكسوه حلتكَ وتحمله على راحلتك، وتأمر له بمائة ناقة حتى يغسل مديحه هجاءه.
ففعل فامتدحه فأكثر.
قال أبو محمد الأخفش: مدح بشرٌ أوسًا وأهل بيته مكانَ كل قصيدة هجاهم بها قصيدة، وكان هجاهم بخمس فمدحهم بخمس؛ فمن ذلك قوله:
كفى بالنأي منْ أسماَء كاف ... وليس لحبها إذ طالَ شافِ
بلى إن العزاَء لهُ دواءٌ ... وطولُ الشوقِ ينسيكَ القوافي
فيالكِ حاجةً ومطالَ شوقٍ ... وقطعَ قرينة بعدَ ائتلافِ
كأنَّ الأتحميةَ قام فيها ... لحسنِ دلالها رشأ موافِ
الأتحمية: ثيابٌ من ثياب اليمن. الموافي: المشرف ينظر. يقال: أوفى يوفي إيفاء، ووافى يوافي موافاة.
من البيض الخدودِ بذي سديرٍ ... ينشن الغضَّ من ضالٍ قضاف
ينشنَ: يتناولنَ من شجرِ دقيقِ العيدان صغير.
أو الأدمِ الموشحةِ العواطِي ... بأيديهنَّ من سلمِ النعافِ
العواطي: التي تتناولُ بأيديها. عطتْ تعطو، وذلك أن ترفع يدها فتضعهما على الغصن.
وإنكِ لو رأيتِ غداةَ بنتمْ ... خشوعِي للتفرقِ واعترافي
الاعتراف: الصبر.
إذًا لرثيتِ لي وعلمتِ أني ... بودي غيرُ مطرفِ التصافي
المطرف: المستحدث، أخذ من الطريف والطارف.
فسل طلابها وتعز عنها ... بناجية تخيلُ بالرداف
سل طلابها: أي اتركه وانسهُ. تخيلُ: تبختر في مشيتها وتشولُ بذنبها. والرداف: الرديف.
يقول: إذا حملتْ رديفًا رأيتَ لها نشاطًا.
2 / 26