Mukhtarat Min Qasas Injlizi
مختارات من القصص الإنجليزي
Genres
وأترسه، وفي الصباح أرى ما يجيء به الحظ.
وهكذا اتقيت التطفل علي، ثم نظرت تحت السرير، وفي الصوان
7
واختبرت مشابك النافذة، ولما اقتنعت بأني لم أقصر في الحيطة خلعت ثيابي الفوقية، ووضعت الشمعة على الموقد بين رماد الخشب، ورقدت على السرير، ودسست صرتي تحت المخدة.
وما لبثت أن تبينت أن النوم لن يؤاتيني، وأني لن أستطيع حتى أن أغمض جفوني، فقد كنت تام التنبه وفيما يقارب الحمى، وكان كل عرق في بدني ينبض، وكل حاسة من حواسي مرهفة، فجعلت أتقلب، وأجرب كل رقدة، وألتمس المواضع الباردة من الفراش، ولكن بلا فائدة، وكنت تارة أريح ذراعي على ظهارة الفراش، وتارة تحتها، وتارة أدفع رجلي وأمدهما إلى آخر السرير، وطورا آخر أطويهما إلى قريب من ذقني، ومرة أهز المخدة وأقلبها على الوجه الآخر، وأسويها وأرقد على ظهري، ومرة أثنيها وأقيمها على حدها وأسندها إلى ظهر السرير وأحاول أن أنام وأنا راقد كقاعد. ولكن هذا كله كان عبثا فتوجعت وسخطت وأدركت أن أمامي ليلة طويلة سأقضيها مسهدا.
وماذا أستطيع أن أصنع؟ لم يكن معي كتاب فأتسلى بالقراءة، وإذا لم أهتد إلى ما أشغل به نفسي وألهي به عقلي فإن من المحقق أن يفضي بي ذلك إلى حال أتوهم فيه كل ضرب من المخاوف والأهوال، وأتصور كل ممكن وكل مستحيل من المخاطر، أي أن أقضي الليلة وأنا أقاسي كل أنواع الفزع العصبي.
واتكأت على مرفقي وأجلت عيني في الغرفة، وكان القمر يريق عليها ضوءه اللين من النافذة، وفي مأمولي أن أجد صورة أو حلية أتأملها. وتذكرت وأنا أدور بعيني من جدار إلى جدار، ذلك الكتاب الممتع «رحلة في غرفتي» فاعتزمت أن أحذو حذو الأديب الفرنسي، وأن أنشد من التسلية ما يخفف آلام السهاد وسآمته، وذلك أن أحصي - في رأسي - كل ما أستطيع أن أرى من متاع الغرفة وأثاثها وأن أتتبع إلى مصادرها جمهرة الذكريات التي لا يعجز عن إثارتها حتى كرسي أو مائدة أو حوض.
على أن اضطراب أعصابي جعل الإحصاء أسهل علي من التفكير، فما لبثت أن يئست من قدرتي على انتهاج الطريق الذي ضرب فيه صاحب «رحلة في غرفتي»، لا، بل من القدرة على أي تفكير، فأدرت عيني في الغرفة، ونظرت إلى قطع الأثاث المختلفة، ولم أزد على ذلك.
وكان هناك، أولا، السرير الذي أرقد عليه، وله عمد أربعة، وذاك آخر ما كنت أتوقع أن أجد في باريس؛ سرير إنجليزي الطراز ذو أربع قوائم، يحيط به من فوق، سجف منقوش، وينسدل عليه ستران مقرونان خانقان، تذكرت أني لما دخلت الغرفة رددت كل شق منهما إلى القائمة من غير أن أجعل بالي إلى السرير نفسه. وكان هناك أيضا حوض من الرخام للغسل، هو الذي صببت فيه الماء بلا تحرز أو أناة، ولا تزال بقية مما أريق على حافته يقطر ببطء على الأرض. وثم أيضا كرسيان صغيران ألقيت عليهما ما خلعت من ثيابي، وكرسي آخر كبير ذو ذراع، وقد طرحوا عليه حبسا
8
Unknown page