تعماله الشزران والخطر
أما إذا رفعته شامذة
فتقول رنق فوقها نسر
أما إذا وضعته عارضة
فتقول أرخي فوقها ستر
ولا تفوتنك قصيدته الطويلة السابغة التي مطلعها «وبلدة فيها زور» وما أحسب أديبا في أي عصر من العصور الإسلامية قد تفهمها واستوضح معانيها بغير كد ومطاولة وتقليب في معجمات اللغة وطول تنقيب!
وهذا هو أبو نواس الذي يقول ما لا أستطيع أن أحدثك به في صحيفة سيارة ضنا بالأدب العام، والمتأدبون يقرأونه في مواطنه من تراجم أبي نواس ودواوين أشعاره، وكله سهل لين يقع فيه كما حدثتك العامي والمبتذل والساقط من الكلام!
وإنما كان أبو نواس يجري في هذا على السجية المرسلة، فيصف الأشياء كما ينبغي أن توصف، ويطلق القول كما يجب أن يطلق، وإنما كان في تلك يتطبع ويتكلف ليشاكل العرب حرصا على معنى الشاعرية عند الناس، وليظفر برضى أمثال أبي عبيدة من حفاظ لغة العرب، وليبعثهم على الاحتجاج بكلامه، وتلك المنزلة كانت في الأدب تجدع دونها الأنوف وتقط الأعناق.
ولست تجد دليلا أبين ولا حجة أوضح على أن أبا نواس كان في ذلك الشعر البدوي متكلفا متصنعا لا يترجم عن شيء يجده هو، من قوله نفسه يتهزأ بمن يذهب هذا المذهب من الشعراء، ويبالغ في السخرية منهم:
قل لمن يبكي على رسم درس
Unknown page