وكيف أكون قد بلغت الخمسين ولما أبلغ من آثار هذا الشباب شيئا؟ ولم أصب بعد من متعه كثيرا ولا قليلا؟
اللهم إنني ما برحت أستشرف لهذه الأيام التي طالما تمثلت لأحلام الفتوة جميلة جمال صفحة البدر، ناضرة نضرة الورد قد طله القطر، هذه الأيام الحلوة اللذيذة التي طالما تراءى لي بها المستقبل، فأتعزى بقرب لقائها عما أجد في حاضري من هم وأسى، ومن وجد وشجى.
اللهم إنني ما زلت في انتظار أيام الشباب التي لا يفتأ يوسوس في صدري بها الأمل، فأشعر لها بشوق لا يعد له شوق، وأجد في قلبي حنينا إليها لا يشبهه حنين، وهل تكون هذه الأيام كلها بين أيام العمر إلا روضة قد ينعت أثمارها، وضحكت أزهارها، وأشرقت أنوارها،
2
وتعطفت في أرضها الجداول، وسجعت على أيكها البلابل، ومشى في خلالها النسيم، يحمل من الورد عاطر التحية وأزكى التسليم، فتنحني الغصون إجلالا لوفوده، وإكراما لوروده!
هكذا الشباب المنتظر، مراح لا يلحقه ضجر، وصفو لا يشوبه كدر، ودعة لا تروعها الغير، ونفس قد وضعت عنها الأعباء والآصار،
3
فتكاد من الخفة تطير في اقتناص المنى كل مطار!
لقد طال بي انتظارك يا هذه الأيام، فليت شعري متى تحقق الآمال وتصدق الأحلام؟
أنت آتية أيام الشباب لا ريب فيك، وإنني ما زلت في الانتظار ... •••
Unknown page