لا «يذوق» النوم إلا غرارا
مثل حسو الطير ماء الثماد
لقد حرم المسكين عطف الأب وحنان الأم، كما حرم رفد الخال وعون العم، ولم يجد ما يعوضه عن شيء من ذلك ولو بمزقة من رحمة الرحماء؛ بل ما أصاب من الناس إلا بلاء وتوقع بلاء، فهل تظن أن مثل هذا يجد لإنسان رحمة أو يحس لشيء رقة وحنانا؟ اللهم إنها لكبد قد تحجرت فما تطرقها رحمة، وإنه لقلب يغلي غليان القدر من حقد ومن اضطغان، ولو قد صانعه القدر فاستطاع أن ينفث ما في صدره، لاستحالت هذه الأرض فحمة سوداء!
ثم إنه لا يميز حلالا من حرام، ولا يفرق بين طريق الخير وطريق الإجرام، كل شيء مباح، لا يصد عنه إلا بطش الظلمة السلطاء!
ولقد يصكه على أم رأسه من لداته
8
أو من غيرهم من هو أشد منه قوة، وقد يركله في بطنه، وقد يناله من هذا أو من هذا أذى كبير لعله يبلغ في بعض الحين حد التلف، فلا يشكو ولا يستعدي، لأن هذا حق الأقوياء على الضعفاء! •••
ها هو ذا يسعل سعالا رفيقا مسمعه ، لينا موقعه، لو أرهفت له الأذن لخرج لك منه نغم حزين يخز الحشا، ويخد الكبد خدا.
الله أكبر! لقد أقبل وشيكا مقوض الرئات، وسفير الممات!
فيا معشر القادرين الأقوياء، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء!
Unknown page