Muhtar al-ahbar
مختار الأخبار
Genres
لأن نظامها كان قد فسد ، وحال البلاد وفلاحيها درج وكسد . فجمع منكوتمر المشار إليه النظار والمستوفين في داره أياما إلى أن راكوا الديار المصرية ، وأفرد برسم الخاص السلطاني نواحي الأعمال الجيزية والأطفيحية لأنها كانت قديما جارية في الخاص ، وثغر الاسكندرية ودمياط ونواح معينة من الأعمال الشرقية والغربية والبحيرة وتروجه والبلاد القبلية بما يناهز ثلث الارتفاع . وأغرد منكوتر بخاصه وأجناده جملة كبيرة ، وجهات مثمرة ، فحصل للجند مشقة عظيمة لانتقالهم عن إقطاعاتهم التي ألفوها ، وجهاتهم التي عرفوها ، إلى بلاد لا خبرة لأكثرهم بها ، ولا قعوة المعظمهم فيها ، وخروج بعضهم عن أرض عامرة إلى أرض دائرة ، وبلاد دانية إلى بلاد قاصية . وقبلوا ذلك بالرغم ، وترود الغم ، فمنهم من سعد جده ، ومنهم من كبازنده ، وخبا وقده . ثم إن منكوتمر قصد إبعاد الأمراء الأكابر ، فحسن المخدومه أن يجرد عسكرة إلى سيس الفتحها ، فجرد الأمير بدر الدين أمير سلاح ، والأمير شمس الدين كرتيه ، والأمير سيف الدين بكتمر السلحدار ، وتقدم إلى العساكر الشامية بالتوجه معهم ، فتوجه معهم عسكر دمشق صحبة الأمير سيف الدين قنجاق نائب السلطنة بها ، وعسكر صفد صحبة الأمير سيف الدين البكي الساق الظاهري نائب السلطنة بها ، والأمير سيف الدين عزاز الصالحي وغيرهم . وأغاروا على بلاد سيس ، وفتحوا بعض قليعات لا يؤبه بها وهي : تل حمدون ، وحموص ، وقلعة نجم ، والمصيصة ، وسروندكار ، وحجر شغلان ، وهذه الأماكن لا تفي بما كان مقررا على متملك سيس التي كان يحملها إلى الخزانة السلطانية في كل سنة ، وذلك أن الذي كان مقررا عليه في كل سنة خمسمائة ألف درهم حجرة وعدة من البغال وتطبيق النعال . وكان داخلا تحت الذمة ، باذل الطاعة والخدمة ، فلما فتحت هذه الأماكن الحقيرة ، قطع كل ذلك المقرر ، وكان من أمره ما سيذكر ، ورتبوا فيها أقواما تسحب بعضهم فيما بعد وتركوه ، وعاد الأمن إلى ماخلا منها ، وغلبوا عليه ، وربما وجدوا أقواما من الرجال المسلمين المركزين فقتلوهم . وكانت الإغارة المذكورة في سنة 697 ه.
Page 106