المصرية الأمير عز الدين الأفرم ، والأمير علاء الدين أقطوان الساق ، وعند وصوله إلى دمشق ، جرد العساكر فرقتين : فرقة إلى جهة قلعة الروم ، صحبة الأمير بدر الدين بيسرى ، وفرقة إلى جهة سيس ، صحبة الأمير سيف الدين قلاون الألفي . وعكف السلطان على لهوه ولعبه ، وجرت نقائض يطول شرحها من سوء التدبير وفرط التبذير ، واستيلاء المماليك الخاصكية على الدولة ، وتقديمهم الأصاغر وإقصائهم الأكابر ، وإهمال السلطان النظر في أحوال العساكر ، ووقع بين الأمير سيف الدين كوندك نائب السلطنة وبين الأمير حسام لاجين الزيني ، وكان عند السلطان من أعظم الخواص . واتفق الأمير سيف الدين كوندة مع الأمير سيف الدين قلاون الألفي ، وانحاز إليه ، وأكد الود بينهما زواج كوندك المذكور بابنة كرمون أخت زوجة قلاون الألفي ، لأن الملك الظاهر كان طلبها ، فجهها إليه الأمير سيف الدين قلاون الألفي ، فأقامت عنده مدة ، وبانت عنه . ولما طلبها الأمير سيف الدين كوندك ، جهزها جهاز، حسن ، وحملت إلى الأمير سيف الدين كوندك ، وهو نائب السلطنة . ولما نشأ بين كوندك وبين لاجين الزيني الشنان الذي ذكرناه ، صار المماليك السلطانية فرقتين : طائفة مالت إلى لاجين الزيني ، وطائفة إلى كوندك . وصار كل منهما يؤثر نفع الجماعة المنحازة إليه ، ويتنافسان لهما في الإقطاعات والزيادات ، وثارت الفتن لذلك . ولما عادت العساكر من جهة سيس ، واعتزل كوندك وطائفته ، وخرج إلى عذرا وضمير خارج دمشق ، وأرسل إلى الأمير سيف الدين قلاون والأمير بدر الدين بيسرى ، وهما في أثناء الطريق يخبرهما بأن السلطان ولاجين الزينى قد اتفقا على إمساكهما وإمساك من معهما من الأمراء الأكابر ، وإخراج إقطاعاتهم لجماعة معينة من الخاصكية ، فتنكروا ذلك وداخلهم الوهم لما يعلمونه من ميل السلطان وانفعاله ورجوعه إلى الصغار في غالب أحواله ، ولما قدمه من الإساءة إلى الأكابر حتى إلى خاله . ولما وصلوا عذرا وضمير تلقاهم كوندك ، وحذرهم ، فاتفقت آراؤهم جميعا على الإقامة بالمرج وألا يدخلوا دمشق إلى أن يتبين لهم الأمر ، وكتبوا إلى السلطان بطلب الاجين الزيني ، وإرساله إليهم ليقع الحكم بينه وبين كوندك فيما شجر بينهما ، فلم يسيره إليهم ، بل كتب إلى من كان معهم من الأمراء الظاهرية والمماليك السلطانية يستدعيهم إليه ويأمرهم بسرعة القدوم عليه . ولم يكتب إلى أحد من الأمراء الأكابر كتابا ، فأمسك القاصد بهذه الكتب ، وأحضر إلى الأمراء ، فتحققوا جميع ما قيل ، وتيقنوه وأظهروا النفار الذي كانوا أبطنوه . ورحلوا من المرج كمية إلى جهة داريا بالقرب من الجسور . فأرسل السلطان إليهم الأمير شمس الدين سنقر الأشقر وشمس الدين سنقر التكريتي أستاذ الدار ، بأن يدخلوا إليه ويعطفوا عليه ، فأبوا إلا نفارا وجماحا ، وممدوا في الشقاق ورواحا . ورحلوا لوقتهم من داريا إلى الكسوة ، فاستشعر الملك السعيد الخيفة منهم ، وأرسل إليهم والدته في محفة لتسترجعهم وتستعطفهم ، فلم يفد ذلك ولا أجدي نفعا . ثم ساروا يطوون المراحل إلى الديار المصرية ، فوصلوا إلى القاهرة في ربيع الأول سنة 678 ه. وعسكروا تحت القلعة بالقرب من الجبل الأحمر . وأغلقت أبواب القاهرة ، وحضر إليهما النائبان اللذان بالقلعة ، وهما عز الدين الأفرم وعلاء الدين أقطوان ليتحدثا معهم في الصلح والدخول إلى القاهرة . وأشار كوندك بالقبض عليهما ، فأمسكا ولم يمكنا من الطلوع إلى القلعة . وأخذ الأمراء في محاصرة القلعة وبها سيف الدين بلبان الزريقي وبعض المماليك السلطانية في عدة غير كثيرة .
والمصري والعربان ، وأنفق فيهم ، ورحل من دمشق متوجها إلى الديار المصرية في إثر الأمراء . ولما وصل إلى غزة ، تفرقت الغربان . ولما وصل إلى
Page 67