34 - وسمعت أبا جعفر محمد بن هرثمة يقول:
((كان محمد بن عبد الملك الزيات يسعى على المتوكل - في أيام الواثق ويحرضه عليه، فتغيرت عليه نيته، حتى أداه ذلك إلى حبسه عند محمد بن عبد الملك.
((فسمعت المتوكل يقول -في اليوم الذي تقدم في إدخاله إلى التنور الحديد-: لم يمن أحد بمثل ما منيت به من ابن الزيات! ضيق علي محبسي، ومنعني مما اقتضتنيه عادتي. وكنت قد ربيت وفرة فلم يطلق [لي] تنظيفها، فكثرت الدواب فيها. وتأدى ذلك إلى والدتي، فكتبت إلى الواثق رقعة، فقال لمحمد بن عبد الملك: ((أطلق لجعفر طم شعره، وتنظيف ثوبه وتطييبه)). فانصرف كالمغيظ وضرب الموكل بي، وقال: ((تركت محبس جعفر شارعا من #60# الشوارع حتى سهل شكوى أمه!)). ثم أمر بإخراجي، فخرجت، فوجدت أمارات الغضب في وجهه، فوقفت ساعة لا يرفع فيها وجهه إلي، ثم قال: ((نطع))، -فأوهمني أن الواثق أمر بضرب عنقي- فبسط بين يديه، ثم أومى إلى الغلمان بإدخالي فيه، ولم أشك في القتل، ثم قال: ((الحجام))، فقلت: ((أظنه يخلع أضراسي قبل قتلي))، وأنا في سائر هذا قائم. فلما وافى الحجام قال: ((احلق شعره))، فأجلسني يحلق شعري. فآليت على نفسي أني لا أستبقيه لحظة إن ظفرت بالخلافة)). فمات محمد بن عبد الملك بالتنور في اليوم الثالث)).
Page 59