وقال بعضهم: ذو القدرة على نفسه والأصيل في رأيه يزداد اتساعا في الجميل وانبساطا فى المعروف وتكرما في اخلاقه اذا توافت آماله اليه، لا سيما اذا نال سلطانا فان السلطان يبدى مكنون الجوهر، وعنده يسقط الشك والدعوى الكاذبة وتصير سريرة أخلاق صاحبة علانية.
ولآخر: الانسان ملول لما ظفر ومستطرف لما منع منه، وكل ما استحدثت النفس هوى اخلقت فيه البدن وبعثت له العناية (١) وتولع به الاشفاق عليه، وذلك امتهان المروءة وليس كل من حنت عليه النفس يستحق هبة المودة ولا يؤتمن على المؤانسة فالبسوا للناس الحشمة في الباطن وعاشروهم بالبشر في الظاهر يختبرهم المحن (٢)، وتلقوا الرغائب منهم فيكم بالقبول، واكتموهم الانقباض فانه من جرى مع هواه طلقا جعل للأئمة والعدل عليه طرقا، ومن سعى بدليل من التدبير لم يقعد به الدرك (٣) الا سابق قضاء لا يملك.
وقال آخر: ارع حق من عظمك لغير فاقة اليك بإعطائه اياك ما تحب، واستعن على شكره باخوانك، فإن ذلك من حق الحرمة (٤) عليك.
من كانت له خصلة حسنة فليواظب عليها، وليتمسك بها، فان لها دولة تعيد اليها ما ادبر عنها.
آخر: من كانت فيه خلة حسنة لم يبعد من الرجاء فيه وان كثرت سيئاته، وانما اليأس ممن لا يعود الخير نفسه.
وقال آخر: من ترك ما لا يضره تركه وينفعه ذكره عظم عند الناس قدره.
آخر: امنع الناس من عرضك بما لا ينكرون من فعلك، واطلب التعظيم في قلوبهم بصيانة نفسك، واستبق مروءتك بالغنى عنهم وتألف ودهم بالبشر لهم، واحتجب من بغيهم بترك الاستطالة، واستتر من الشامتين
_________
(١) نسخة آكسفورد: الغاية.
(٢) في التذكرة الحمدونية ٤: ٣٦٣: "حتى تختبرهم المحن". ش
(٣) كذا ولعله: عن الدرك.
(٤) نسخة المتحف: الحرية. اهـ. وهو كذلك في التذكرة الحمدونية ٤: ٨٥. ش
1 / 36