قال بعض الحكماء: الانسان بين حركة وسكون، فحركته تعجب اذا هجم عليه ما ينكره، وسكونه أنس اذا فهم وعرف، صلاح طبائع ابن آدم على الأضداد فلا تعتدل الا باختلافها عليه، ولو قامت به حال واحدة فسد مزاجه وانهدم بناؤه، وكذلك تدبير الله في خلقه وأرضه.
قال بعض الحكماء: بقدر السمو في الرفعة تكون وجبة الواقعة، ولكل ناجم أفول، ولن يعدم (١) ذو القصد كثيرا اذا اعدمته (٢) الأيام ما كانت عودته من المؤاتاة.
وقال آخر: سرورك بقليل التحف مع فراغك له احسن موقعا عندك من أضعافه مع اشتغالك عنه، وكثرة الاشتغال (٣) مذهلة عن وجوه اللذات بكنهها، وليس بحكيم من ترك التمييز.
وقال آخر: من جهة التوانى وترك الرواية يكون وهن العزم وخمول الهمة، وفي إجابة الفطن وحركة الفكرة ونباهة الرأي درك البغية، ولن يؤتى اللبيب الا من الأثرة وهي خلة يتصل بها الهوى والمحبة، وعندهما تسقط المناظرة فتستعبد الجوارح في الفساد وتنهك القدر في الشهوات، وهذا الحور بعد الكور - والكون جميعا.
آخر: من طرق ما لا طاقة له به كان استر لمكتوم امره وابقى للآمال فيه.
ولآخر: اسعد الناس من تصفح آراء الرجال واستكثر من ذوى الألباب، فان لكل عقل ذخيرة من الصواب ومسكنا من التدبير.
ولآخر: صن شكرك عمن لا يستحقه واطلب المعروف ممن يجمل بك طلبك منه واستر ماء وجهك بالقناعة وتسلّ عن الدنيا لتجافيها عن الكرام.
_________
(١) نسخة المتحف: يفقد.
(٢) نسخة المتحف: اعتدمته.
(٣) نسخة المتحف: الأشغال.
1 / 35