وقد كنا نبهنا في باب إثبات الرسالة للرسل _صلى الله عليهم وسلم_، والنقض على البراهمة على إثبات آيات الأنبياء ومعجزاتهم، (¬1) من الذي أعطى موسى عليه السلام من العصا واليد وفلق البحر في سائر ذلك، والذي أوتي عيسى عليه السلام، من أنه يبرئ الأكمة والأبرص، ويحيي الموتى، وغيره بإذن الله، وما أوتي محمد _صلى الله عليه وسلم_ من آيات القرآن، ومعجزه الذي لا يقدر أحد من البشر أن يأتي بمثله ولو كانوا عليه متظاهرين، ولو تأمل متأمل ما أوتي النبي محمد _صلى الله عليه وسلم_ من جهة التفهم من آيات القرآن، وفكر في ذلك بحقيقة التفكر لهلم أنه أعظم من جميع ما أوتي غيره من الأنبياء، إذ لا يعترض معترض في القرآن بالإنكار له والجحد، ولا بالشك في أنه نزل على محمد _صلى الله عليه وسلم_؛ لقيام القرآن بين ظهراني هذا العالم إلى يوم الدين، ولا يعترض فيه معترض بأنه يدعي أنه لو شاهد القرآن لأمكنه، أو أمكن غيره من الناس أن يأتي بمثله، بل هو قائم بين أعينهم، متلو على آذانهم ليلا ونهارا، باق فيهم ما بقيت السماء والأرض، ولم يخل كل عالم في كل زمان من شاعر فصيح، أو خطيب بليغ، وفيهم من لا يحتشم في كثير من المجالس من الإفصاح بالإلحاد، والطعن على النبي عليه السلام، والقدح في القرآن (¬2) ،
¬__________
(¬1) - المعجزة: أمر خارق للعادة يظهره الله تعالى على يد مدعي النبوة والرسالة، كانشقاق القمر، وانقلاب العصا حية، وإحياء الموتى، ونبع الماء من بين الأصابع، وغير ذلك كثير، والله أعلم. راجع مقدمة ابن خلدون، والمقاصد: سعد الدين التفتازاني، والمواقف، لعضد الدين الإيجي، ومشارق أنوار العقول للسالمي.
(¬2) - لقد سمعت الجن كلام الله فقالوا: {إنا سمعنا قرآنا عجبا}(سورة الجن: 1). هذا ما قاله الجن عندما سمعوا كلام الله، فماذا قال شياطين الإنس على كلام الله دون أن يسمعوه...؟
قالت دائرة المعارف السوفيتية: القرآن الكتاب المقدس الأساسي للمسلمين مجموعة من المواد الدينية المذهبية والأسطورة القانونية، وقد وضع القرآن وشرع خلال حكم ثالث الخلفاء العرب عثمان، ثم أدخلت عليه فيما بعد أشياء حتى بداية القرن الثامن _وفق ما بلغنا من المعلومات_ بعض التغييرات، ووفقا للتراث الإسلامي للتاريخ الديني يعتبر محمد هو مشرع القرآن، كما يعتبر مؤسس الإسلام إلى آخر هذا الخلط العجيب، وصدق الله العظيم في قوله تعالى: {كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا} (سورة الكهف: 5). راجع ما كتبناه ردا على هذا الهوس من دائرة المعارف السوفيتية 12/64 في كتابنا "المذاهب المعاصرة وموقف الإسلام منها 152 154".
Page 65