Al-Mūjaz li-Abī ʿAmmār ʿAbd al-Kāfī takhrīj ʿUmayra
الموجز لأبي عمار عبد الكافي تخريج عميرة
تأملوا حفظكم الله هذا الجواب، لتعلموا ما خصكم الله به من الهداية إياكم، فينبغي على هذا الجواب أن يكون من أنكر شيئا من خلق الله أن يكون الله خلقه، لا يشرك حتى يثبت قبل ذلك، ويقر بأنه لا يحتمل خلقه وإيجاده إلا الله، فأما متى لم يقر بذلك فلا يشرك، فهل أحد ممن له قليل عقل يقول بهذا التناقض الذي وصفوه حتى يكون مشركا أو غير مشرك أن يقول: إن هذا الفعل مما لا يحتمله إلا الله، ثم يرجع فيقول: إنه ليس من فعل الله، ومع ذلك يقال لهم: أليس هذا المكذب بالرسل، الجاحد برسالتهم مكذبا بالله (¬1) في خبره؟ فكيف لا يشرك وقد وصف الله بالكذب، وألزمه من مهانة الكذب ما ألزم الكاذبين؟ فقالوا: لا يكون مكذبا بالله حتى يقر بأنهم رسل الله ثم يكذبهم، فحينئذ يكون مكذبا بالله، وأما من لم يقر بأنهم رسل الله، فكذب بأنهم رسل من عند الله فإنما وقع التكذيب ها هنا للمرسلين دون المرسل، قيل لهم: هذا من الكلام الأول الذي أنبأنا أولا عن تناقضه مما لا يقول به أحد من الناس، ونحن مع ذلك نجيب فنقول: أو ليس المرسل قد شهد للمرسلين بالذي أظهره الله على أيديهم من إحداث الأجسام، وإيجاد الأجرام في جميع تلك المعجزات التي أحدثها الله على أيدي المرسلين، وقال: إنه أرسلهم بالذي أظهره الله على أيديهم؟ فكيف لا يكون المكذب للمرسلين على هذا المعنى مكذبا للمرسل؟ وهل تكذيبه بعدما أقر بأنهم مرسلون إلا هو تكذيبه قبل ما لم يقر بأنهم مرسلون؟ وليس في جميعه أكثر من أنه كذب المرسلين، وزعم أنهم ليسوا من عند الله مرسلين فقط.
¬__________
(¬1) قال تعالى: (من يطع الرسول فقد أطاع الله) سورة النساء آية رقم 80.
وقال الرسول _صلى الله عليه وسلم_ فيما رواه الإمام مسلم عن أبي هريرة: "من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله".
Page 186