ولعل المحدث لها هي بأنفسها؟ قيل له: لا تخلو هذه الأشياء بعدما ثبت حدوثها وثبت أن لها محدثا أحدثها، وأنها غير مستغنية عن ذلك من وجهين لا ثالث لها: إما أن تكون أحدثت نفسها، أو أن تكون أحدثها غيرها، ويبطل أن تكون أحدثت نفسها من قبل؛ لأنها لا تخلو في حال حدوثها من أن تكون معدومة أو موجودة، فإن كانت معدومة فالمعدوم (¬1) لا يحدث شيئا: نفسه ولا غيره، فإن تكن موجودة فما حاجتها إلى أن توجد نفسها وهي موجودة بعد؟ فلما فسد هذان الوجهان ثبت أن لها محدثا أحدثها، وهو غيرها موجود قبل إيجاده لها، ذلكم الله رب العالمين.
إثبات الوحدانية:
¬__________
(¬1) - العدم: الفقد، وضد الوجود [وهو عبارة عن لا وجود، ولا وجود نفي للوجود] والعدم المطلق: هو الذي لا يضاف إلى شيء، والمقيد: ما يضاف إلى شيء نحو: عدم كذا، والعدم السابق: هو المتقدم على وجود الممكن، والعدم اللاحق: هو الذي بعد وجوده، والعدم المحض: هو الذي لا يوصف بكونه قديما، ولا حادثا ولا شاهدا، ولا غائبا.
والعدم المطلق: بمعنى لا يتحقق لا ذهنا ولا خارجا. راجع شرح المقاصد، فصل الوجود والعدم 1/327 وما بعدها.
Page 15