مثل ذلك، وأنشدوا:
كراسي بالأحداث بيض وجوههم ... ... ... كأنهم في الساجيات الكواكب
قد فروا من شيء، وليس في ذلك الشيء الذي فروا منه شيء ينقض عليهم من قولهم شيئا، فقلنا في هذا: إنه لما كان أسفل الأشياء الثرى، وما تحت الثرى، وكان أعلى الأشياء السماء السابعة، ثم الكرسي، ثم العرش، وكان الله قد جعل للأعلى في القلوب من التعظيم والقدر والشرف ما لم يجعل للأسفل، كما عظم بعض الشهور وبعض الأيام، وبعض الليالي، وبعض الساعات، وبعض البقاع، وكان قد جعل للعرش ما لم يجعل للكرسي، وجعل للكرسي ما لم يجعل للسماء السابعة، فذكر العرش والكرسي والسماء بما لم يذكر به شيئا من سائر خلقه، وذكر مرة العرش والكرسي والسماء في جملة الخلق، وأنه عال على جميعها بالقدرة وبالسلطان والقوة، حيث قال: {وهو على كل شيء قدير} (¬1) وقال: {وكان الله على كل شيء قديرا} (¬2) ، وحيث قال: {إن ربي على كل شيء حفيظ} (¬3) وقال: {وهو القاهر فوق عباده} (¬4) وقال: {وكان الله على كل شيء مقتدرا} (¬5) والعرش شيء، وهو عال عليه بالقدرة، وظاهر عليه بالسلطان، وخصه بالذكر إذ كان مخصوصا بالنباهة، وأنه فوق جميع الخلق، فذكره مرة بالجملة، ومرة بالإبانة، وقال: {وسع كرسيه السماوات والأرض، ولا يؤوده حفظهما وهو العلي العظيم} (¬6) ،
¬__________
(¬1) سورة المائدة آية رقم 120.
(¬2) سورة الأحزاب آية رقم 27.
(¬3) سورة هود آية رقم 57، وقد جاءت هذه الآية محرفة في المطبوعة، وقد أشار إليها المحقق في الهامش؛ ولكن آيات القرآن يجب أن تصحح ويشار إلى ذلك في الهامش.
(¬4) سورة الأنعام آية رقم 18.
(¬5) سورة الكهف آية رقم 45.
(¬6) سورة البقرة آية رقم 255..
Page 128