Muhit Burhani
المحيط البرهاني في الفقه النعماني فقه الإمام أبي حنيفة رضي الله عنه
Investigator
عبد الكريم سامي الجندي
Publisher
دار الكتب العلمية
Edition Number
الأولى
Publication Year
1424 AH
Publisher Location
بيروت
Genres
Hanafi Fiqh
الغالب عليه أثر الأشنان أو أثر الريحان لا يتوضأ به، وإن كان الغالب عليه أثر الماء، فلا بأس بالتوضؤ به، وكذلك البابونج، فأما الزعفران إذا كان قليلًا والغالب الماء فلا بأس به، فمحمد ﵀ اعتبر الغلبة في هذه المسائل، إلا أن في بعضها أشار إلى الغلبة من حيث اللون، وفي بعضها أشار إلى الغلبة من حيث الأجزاء.
وفي «الأمالي» برواية بشر عن أبي يوسف ﵀ لو توضأ بماء غلي بأشنان أو آسٍ أو لشيء يتعالج به الناس ويغتسلون به، فإن الوضوء بذلك الماء يجزىء ما لم يغلب عليه. ولو توضأ بماء به ردح العصفر أجزأه إذا كان رقيقًا يستبين الماء منه، وإن غليت المجمرة وصارت ... لا يجوز التوضؤ به، وكذلك ماء الصابون إذا كان ثخينًا قد غلب على الصابون لا يجوز التوضؤ به، وإن كان رقيقًا، لكن علاه بياض الصابون جاز التوضؤ به.
قال الحاكم الشهيد ﵀ ورأيت عن ابن سماعة عن أبي يوسف مثله، قال: وكذلك ماء الزعفران، ورأيت عنه أيضًا: لا يجوز التوضؤ بماء الحمص والباقلاء، يريد الماء الذي طبخ فيه الحمص أو الباقلاء، وكذلك ما طبخ به ليؤكل أو ليشرب أو ليتداوى به، وإذا طبخ الآس في الماء والبابونج فإن غلب على الماء حتى يقال: ماء البابونج، أو ماء الآس لا يجوز التوضؤ به، وإن طبخ في الماء السِّدْر أو الأشنان وتغيّر لونه إلا أنه لم يذهب برقته جاز التوضؤ به.
والحاصل من مذهب أبي يوسف ﵀: أن كل ما خلط به شيء يناسب الماء فيما يقصد من استعمال الماء وهو التطهير، فالتوضؤ به جائز بشرط أن لا يغلب ذلك المخلوط على الماء، يعني من الأجزاء حتى لا يزول به الصفة الأصلية وهو الرقة، وذلك مثل الأشنان والصابون، وهذا لأن الخلط الذي يناسب الماء يتعالج به الناس ويغتسلون به مبالغة في التطهير، فجعل الحكم فيه كالحكم في الماء، لكن بشرط أن لا يغلب ذلك المخلوط على الماء، وكل ما خلط به شيء لا يناسب الماء فيما قصد من استعمال الماء وهو التطهير، ففي بعض الروايات شرط عليه ذلك الشيء الماء من حيث الأجزاء لمنع جواز التوضؤ به، وفي بعض الروايات لم يشترط الغلبة من حيث الأجزاء.
ويجوز التوضؤ بالماء الذي ألقي فيه الحمص والباقلاء وتغير لونه، إلا أنه لم يُذهِب رقته، هكذا ذكر في بعض الكتب، وكذا إذا ألقي فيه الزاج حتى اسود ولكن لم تذهب رقته جاز التوضؤ به، وهذا لا يستقيم على قول محمد ﵀ على القول الذي اعتبر الغلبة من حيث اللون.
ولو بلَّ الخبز بالماء وبقيت رقته جاز الوضوء به، وإن صار ثخينًا لا يجوز، وهذا لا يستقيم على قول أبي يوسف ﵀ على الرواية لا يشترط الغلبة في خلط ما لا يناسب الماء في التطهير، ولو وقع في الماء وصار ثخينًا لا يجوز التوضؤ به، لأنه بمنزلة الخمر، هكذا ذكر في بعض الكتب.
وفي «الفتاوى»: ذكر مسألة التوضؤ بالثلج وذكر فيها تفصيلًا، فقال: إن كان الثلج يذوب ويسيل إلى أعلى أعضائه ويتقاطر يجوز، وما لا فلا، يجب أن يكون الجواب في
1 / 118