Al-Muḥīṭ al-Burhānī fī al-fiqh al-Nuʿmānī fiqh al-Imām Abī Ḥanīfa raḍiya Allāh ʿanhu
المحيط البرهاني في الفقه النعماني فقه الإمام أبي حنيفة رضي الله عنه
Editor
عبد الكريم سامي الجندي
Publisher
دار الكتب العلمية
Edition Number
الأولى
Publication Year
1424 AH
Publisher Location
بيروت
Genres
Ḥanafī Law
سنّة؛ لأن رسول الله ﵇ واظب عليه، وكذلك الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين، وما واظب عليه رسول الله ﵇ يكون سنّة، وهكذا روي عن أبي حنيفة أيضًا، فإن ترك رفع اليدين هل يأثم؟ تكلموا فيه بعضهم قالوا: يأثم، وبعضهم قالوا: لا يأثم، وقد روي عن أبي حنيفة ما يدل على هذا القول، فإنه قال: إن ترك رفع اليدين جاز وإن رفع فهو أفضل، وكان الشيخ الإمام الزاهد الصفار يقول: إن ترك أحيانًا لا يأثم وإن اعتاد ذلك يأثم.l
وكذلك اختلفوا في وقت رفع اليدين، قال بعضهم: يرفع ثم يكبّر، وقال بعضهم: يرسل يديه أولًا إرسالًا ويكبّر ثم يرفع يديه، وقال الفقيه أبو جعفر: يستقبل ببطون كفيّه القبلة وينشر أصابعه ويرفعهما، فإذا استقرتا في موضع المحاذاة يعني محاذاة الإبهامين شحمة الأذنين يكبّر، قال شمس الأئمة السرخسي ﵀ وعليه عامة المشايخ، وعن بعض المشايخ أن الصواب أن يقبض أصابعه قبضًا ويضمهما ضمًا في الابتداء ثم إذا جاء أوان التكبير ينشرهما، وعن بعضهم أنه لا يفرج أصابعه كل التفريج، ولا يضمهما كل الضم بل يتركهما على ما عليه العادة، وهو المعتمد.
وذكر ابن رستم في «نوادره» لا يفرج أصابعه كل التفريج في حالة الصلاة، ولا يضم كل الضم إلا في موضعين؛ في حالة الركوع يفرج كل التفريج؛ لأنه يحتاج إلى أخذ الركبة، والتفريج أمكن للأخذ، وفي حالة السجود يضم كل الضم؛ لأنه يحتاج إلى الاعتماد على راحتيه، وعند الضم يكون أقدر على الاعتماد، وفيهما سواء فتركه على ما عليه العادة، وعن أبي يوسف أنه ينبغي أن يقول التكبير موضع اليدين، وبه أخذ شيخ الإسلام خواهر زاده والشيخ الإمام الزاهد الصفار؛ وهذا لأن رفع اليدين سنّة التكبير، وما كان سنّة الشيء يكون مقارنًا لذلك الشيء، كتسبيحات الركوع والسجود، وينبغي أن يرفع يديه حذاء أذنيه ويحاذي بإبهاميه شحمة أذنيه.
وأما المرأة ترفع يديها كما يرفع الرجل في رواية الحسن عن أبي حنيفة، وبهذه الرواية أخذ بعض المشايخ، وقال بعضهم: حذاء يديها، قال بعضهم: حذو منكبيها وهو الأصح؛ لأن هذا أستر في حقها، وما يكون أستر لها فهو أولى.
فلا يطأطىء رأسه عند التكبير، ذكره في كتاب الصلاة للحسن بن زياد، ثم تكبيرة الافتتاح ليست من جملة أركان الصلاة، بل هي شرط الدخول في الصلاة، وقال الشافعي هي من أركان الصلاة.
وفائدة الخلاف تظهر في جواز بناء التنفل على تحريمة الفرض وجاز بناء ركعتي الظهر على تحريمة الظهر، وبناء التنفل على تحريمة الفرض عندنا يجوز، وعند الشافعي لا يجوز.
ووجه بناء هذه المسائل على هذا الأصل: أن عندنا التكبير لما كان شرطًا كان هو مؤديًا للنفل بشرط أتى به الفرض، ومؤديًا للفرض بشرطٍ أتى به لفرض آخر، وذلك جائز، وعند الشافعي التكبير لما كان ركنًا كان مؤديًا للتنفل بركن الفرض ومؤديًا الفرض بركن آخر وكل ذلك لا يجوز.
1 / 291