Muhit Burhani
المحيط البرهاني في الفقه النعماني فقه الإمام أبي حنيفة رضي الله عنه
Investigator
عبد الكريم سامي الجندي
Publisher
دار الكتب العلمية
Edition Number
الأولى
Publication Year
1424 AH
Publisher Location
بيروت
Genres
Ḥanafī Law
وكذلك الترتيب ليس بشرط عندنا، بيانه: فيما ذكرنا أنه إذا غسل رجليه أولًا ولبس الخفين ثم أكمل وضوءه ثم أحدث وتوضأ، جاز له المسح على الخفين.
ويمسح من كل حدث أو خبث في الوضوء بعد اللبس، فأما الجنابة فلا يجوز المسح فيها لحديث صفوان بن عسال المرادي قال: «كان رسول الله ﵇ يأمرنا إذا كنا سفرًا أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليها إلا من جنابة ولكن من بول أو غائط أو نوم» ولأن الجنابة ألزمته غسل جميع البدن بالنص ومع الخف لا يتأتى ذلك، ولأن جواز المسح لضرورة دفع المشقة، وذلك في الحدث أظهر لتكرير وقوعه في كل يوم عادة، وعدم تكرير وقوع الجنابة في كل يوم عادة، فامتنع الاستدلال.
ذكر الناطفي ﵀ في «هدايته»: قال أبو يوسف ﵀ في «الإملاء»: كل طهارة تنتقض بغير حدث، فإذا انتقض مع الحدث يمنع جواز المسح على الخفين، وكل طهارة لا تنتقض إلا بالحدث، فإذا انتقض بالحدث الصغرى لا يمنع جواز المسح على الخفين.
وأشار إلى الفرق فقال: ما يبطل بغير حدث كان الحدث موجودًا عند ابتداء لبسه فلم يصادف الحدث طهارة ولا كذلك طهارة لا تنتقض إلا بالحدث، لأن ابتداء اللبس صادف طهارة كاملة، فكان الحدث طارئًا على لبسه.
وتفسير هذا: المسافر إذا لم يجد الماء وتيمم ولبس خفيه ثم أحدث ووجد من الماء ما يكفيه للوضوء فإن عليه أن يتوضأ ويغسل قدميه ولا يجوز المسح على خفيه، لأن تيممه قد بطل بوجود الماء، وكان الحدث موجودًا في رجليه لأن التيمم لا يرفع الحدث، وكذلك المستحاضة، ومن به جرح سائل.
وكذلك لو توضأ بنبيذ التمر ولبس الخفين ومسح على الخفين بنبيد التمر ثم وجد الماء نزع خفيه وتوضأ به وغسل قدميه لأنه لا يرفع الحدث وهو كالتراب.
وإذا توضأ بسؤر الحمار ولبس خفيه ولم يتيمم حتى أحدث فإنه يتوضأ بما بقي معه من سؤر الحمار ويمسح على الخفين ثم يتيمم ويصلي لأن سؤر الحمار إن كان طاهرًا مطهرًا فقد حصل اللبس على طهارة كاملة فجاء شرط جواز المسح على الخفين، وإن كان نجسًا أو كان طاهرًا غير طهور ففرضه في هذه الحالة التيمم، والرِّجْلُ لاحظ لها من التيمم، فتيقنا لسقوط غسل الرجلين فلهذا جاز المسح.
ولو توضأ بنبيذ التمر، ولبس الخف ثم أحدث ومعه نبيذ التمر، فإنه يتوضأ وينزع خفيه ويغسل قدميه في قول أبي حنيفة ﵀، ولا يمسح على خفيه وفي سؤر الحمار قال: يمسح على وخفيه، ونبيذ التمر عنده مقدم على سؤر الحمار حتى قال في سؤر الحمار: يجمع بينه وبين التيمم، ولم يقل بالجمع في نبيذ التمر.
والفرق: أن الطهارة الحاصلة بنبيذ التمر طهارة ناقصة، ولهذا تنتقض برؤية الماء،
1 / 175