Muhit Burhani
المحيط البرهاني في الفقه النعماني فقه الإمام أبي حنيفة رضي الله عنه
Investigator
عبد الكريم سامي الجندي
Publisher
دار الكتب العلمية
Edition Number
الأولى
Publication Year
1424 AH
Publisher Location
بيروت
Genres
Hanafi Fiqh
كان صحيحًا، وإن كان على العكس فإنه يغسل، والمسح على الجراحة إن أمكنه أو فوق الخرقة إن كان المسح يضره، ولا يتيمم، وهو قول علمائنا، وقال الشافعي: بأنه يغسل ما كان صحيحًا ثم يتيمم بعد ذلك، حجته: أن سقوط الغسل عما هو مجروح لضرورة الضرر في إصابة الماء فتتقدر بقدرها، حجتنا: ما روي عن ابن عباس ﵄ «أنه أباح للمحذور التيمم»، وبعض أعضاء المحذور يكون صحيحًا، ولم يأمر بإيصال الماء إليه، وهذا حديث روي عنه ولم يرو عن أقرانه خلافه فحل محل الإجماع، والمعنى فيه: أنه اجتمع فيه ما يوجب الغسل والتيمم، ولا وجه للجمع، لأنه يؤدي إلى الجمع بين الأصل والبدل، وهذا لا أصل له لما عرف في الكفارات فيصار إلى الترجيح، ورجحنا بالكثرة، وإن استويا في الرواية في هذا الفصل من مشايخنا من قال: يتيمم ولا يستعمل الماء ومنهم من يقول: يغسل ما كان صحيحًا ويمسح على الباقي إذا كان المسح لا يضره، أما من قال يغسل حجته: أنه لما تعذر الترجيح من حيث الكثرة ترجح من وجه آخر فنقول: الغسل طهارة حقيقة وحكمًا، فإيجابه أولى من إيجاب التيمم الذي ليس بطهارة حقيقة، وأما الفريق الآخر يقولون: بأن التيمم طهارة كاملة، وغسل البعض وإن كان طهارة حقيقة وحكمًا، إلا أنها ناقصة في نفسها، فكان اعتبار التيمم هو طهارة كاملة أولى.
ثم اختلف مشايخنا في حد الكثرة: فمنهم من اعتبر الكثرة من حيث عدد الأعضاء في الكثرة في نفس العضو، بيانه: إذا كان برأسه ووجهه وبدنه جراحة والرجل صحيح، فإنه يتيمم، سواء كان الأكثر من الأعضاء الجرحة جريحًا أو أقله، ومنهم من اعتبر الكثرة في نفس العضو فقال: إن كان الأكثر من كل عضو من أعضاء الوضوء جريحًا كان كثيرًا يبيح له التيمم.
المسافر أو المريض إذا أصابته جنابة، وهو يخاف الهلاك على نفسه من شدة البرد، أو تلف عضو إن اغتسل، فإنه يباح له التيمم، وأما إذا كان مقيمًا صحيحًا أصابته جنابة، وهو يخاف الهلاك أو تلف عضو أو زيادة مرض إن اغتسل، قال أبو حنيفة ﵀: بأنه يتيمم ولا يغتسل خلافًا لهما.
وكذلك المحدث على هذا الخلاف، إذا كان يخاف على نفسه الهلاك أو تلف عضو، هكذا ذكر شيخ الإسلام ﵀، وذكر شمس الأئمة الحلواني ﵀: أن المحدث يتوضأ ولا يتيمم بالإجماع، وذكر في غير رواية الأصول قول محمد مع قول أبي حنيفة رحمهما الله، فمنهم من قال: لا خلاف في الحقيقة، فأبو حنيفة ﵀ إنما قال هذا في بلد لا يوجد فيه ماء حار، وهما أقاما في بلد يوجد فيه ماء حار لكن بالتكليف، ومنهم من يحقق الاختلاف، حجتهما: أن عدم الماء السخين أو عدم مكان يدفأ به في المصر نادر ما ينزله عادمًا (للماء) حكمًا، ولهذا لا يتيمم المقيم دون عدم الماء، وأبو حنيفة ﵀ يقول بأن عدم الماء السخين والمكان الذي يدفأ ليس بنادر لأنه قد يكون فيه غرباء وفقراء لا يجدون ماء سخنًا يدفؤون به أو لا يكون في القرية حمام، أو لا يكون له أجرة الحمام، حتى قالوا في موضع فيه حمام وتوجد الأجرة عند الخروج عادة: لا
1 / 148