Muhalla Bi Athar
المحلى
Investigator
عبدالغفار سليمان البنداري
Publisher
دار الفكر
Edition Number
بدون طبعة وبدون تاريخ [؟؟]
Publisher Location
بيروت [؟؟]
Genres
Zahiri Jurisprudence
فَعَجَزُوا كُلُّهُمْ عَنْ ذَلِكَ، وَأَنَّهُ شُقَّ لَهُ الْقَمَرُ. قَالَ اللَّهُ ﷿: ﴿اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ﴾ [القمر: ١] ﴿وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ﴾ [القمر: ٢] ﴿وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ﴾ [القمر: ٣] ﴿وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنَ الأَنْبَاءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ﴾ [القمر: ٤] ﴿حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ﴾ [القمر: ٥] . وَحَنَّ الْجِذْعُ إذْ فَقَدَهُ حَنِينًا سَمِعَهُ كُلُّ مَنْ حَضَرَهُ، وَهُمْ جُمُوعٌ كَثِيرَةٌ؛ وَدَعَا الْيَهُودَ إلَى تَمَنِّي الْمَوْتِ إنْ كَانُوا صَادِقِينَ؛ وَأَخْبَر هُمْ أَنَّهُمْ لَا يَتَمَنَّوْنَهُ فَعَجَزُوا كُلُّهُمْ عَنْ تَمَنِّيهِ جِهَارًا. وَدَعَا النَّصَارَى إلَى مُبَاهَلَتِهِ فَأَبَوَا كُلُّهُمْ. وَهَذَانِ الْبُرْهَانَانِ مَذْكُورَانِ جَمِيعًا فِي نَصِّ الْقُرْآنِ، كَمَا ذُكِرَ فِيهِ تَعْجِيزَهُ جَمِيعَ الْعَرَبِ عَنْ أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِهِ أَوَّلَهُمْ عَنْ آخِرِهِمْ؛ وَنَبَعَ لَهُمْ الْمَاءُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ، وَأَطْعَمَ مِئِينَ مِنْ النَّاسِ مِنْ صَاعِ شَعِيرٍ وَجَدْيٍ، وَأَذْعَنَ مُلُوكُ الْيَمَنِ وَالْبَحْرَيْنِ وَعُمَانَ لِأَمْرِهِ لِلْآيَاتِ الَّتِي صَحَّتْ عِنْدَهُمْ عَنْهُ، فَنَزَلُوا عَنْ مُلْكِهِمْ كُلِّهِمْ طَوْعًا دُونَ رَهْبَةٍ أَصْلًا، وَلَا خَوْفًا مِنْ أَنْ يَغْزُوَهُمْ وَلَا بِرَغْبَةٍ رَغَّبَهُمْ بِهَا، بَلْ كَانَ يَتِيمًا فَقِيرًا.
وَهُنَاكَ قَوْمٌ يَدَّعُونَ النُّبُوَّةَ كَصَاحِبِ صَنْعَاءَ وَكَصَاحِبِ الْيَمَامَةِ، كِلَاهُمَا أَقْوَى جَيْشًا وَأَوْسَعُ مِنْهُ بِلَادًا، فَمَا الْتَفَتَ لَهُمْ أَحَدٌ غَيْرُ قَوْمِهِمَا، وَكَانَ هُوَ أَضْعَفَهُمْ جُنْدًا وَأَضْعَفَهُمْ بَلَدًا وَأَبْعَدَهُمْ مِنْ بِلَادِ الْمُلُوكِ دَارًا، فَدَعَا الْمُلُوكَ وَالْفُرْسَانَ الَّذِينَ قَدْ مَلَئُوا جَزِيرَةَ الْعَرَبِ - وَهِيَ نَحْوُ شَهْرَيْنِ فِي نَحْوِ ذَلِكَ - إلَى إقَامَةِ الصَّلَاةِ وَأَدَاءِ الزَّكَاةِ وَإِسْقَاطِ الْفَخْرِ وَالتَّجَبُّرِ، وَالْتِزَامِ التَّوَاضُعِ وَالصَّبْرِ لِلْقِصَاصِ فِي النَّفْسِ فَمَا دُونَهَا مِنْ كُلِّ حَقِيرٍ أَوْ رَفِيعٍ دُونَ أَنْ يَكُونَ مَعَهُ مَالٌ وَلَا عَشِيرَةٌ تَنْصُرُهُ، بَلْ اتَّبَعَهُ كُلُّ مَنْ اتَّبَعَهُ مُذْعِنًا لِمَا بَهَرَهُمْ مِنْ آيَاتِهِ؛ وَلَمْ يَأْخُذْ قَطُّ بَلْدَةً عَنْوَةً وَغَلَبَةً إلَّا خَيْبَرَ وَمَكَّةَ فَقَطْ وَفِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا﴾ [الأعراف: ١٥٨] وَقَالَ تَعَالَى: ﴿يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ﴾ [الأنعام: ١٣٠] وَقَالَ تَعَالَى: ﴿قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا﴾ [الجن: ١] ﴿يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ﴾ [الجن: ٢] إلَى قَوْلِهِ ﴿وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا﴾ [الجن: ١٤] ﴿وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا﴾ [الجن: ١٥] وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ [آل عمران: ٨٥] .
[مَسْأَلَة الدليل عَلَى أَنْ ملة الْإِسْلَام نسخت كُلّ ملة تقدمتها]
١١ - مَسْأَلَةٌ: نَسَخَ ﷿ بِمِلَّتِهِ كُلَّ مِلَّةٍ وَأَلْزَمَ أَهْلَ الْأَرْضِ جِنَّهُمْ وَإِنْسَهُمْ اتِّبَاعَ شَرِيعَتِهِ الَّتِي بَعَثَهُ بِهَا وَلَا يَقْبَلُ مِنْ أَحَدٍ سِوَاهَا؛ وَأَنَّهُ ﵇ خَاتَمُ النَّبِيِّينَ لَا
1 / 27