العطاء
إنك إذا أعطيت فإنما تعطي القليل من ثروتك، ولكن لا قيمة لما تعطيه ما لم يكن جزءا من ذاتك؛ لأنه أي شيء هي ثروتك؟ أليست مادة فانية تخزنها في خزائنك، وتماقط
1
عليها جهدك خوفا من أن تحتاج إليها غدا.
والغد! ماذا يستطيع الغد أن يقدم للكلب البالغ الفطنة، الذي يطمر العظام في الرمال غير المطروقة، وهو يتبع الحجاج في المدينة المقدسة.
أوليس الخوف من الحاجة، هو الحاجة بعينها؟ أم ليس الظمأ الشديد للماء، عندما تكون بئر الظامي ملآنة، هو العطش الذي لا تروى غلته؟
من الناس من يعطون قليلا من الكثير الذي عندهم، وهم يعطونه لأجل الشهرة، ورغبتهم الخفية في الشهرة الباطلة تضيع الفائدة من عطاياهم، ومنهم من يملكون قليلا ويعطونه بأسره!
ومنهم المؤمنون بالحياة، ولسخاء الحياة هؤلاء لا تفرغ صناديقهم، وخزائنهم ممتلئة أبدا، ومن الناس من يعطون بفرح، وفرحهم مكافأة لهم، ومنهم من يعطون بألم، وألمهم معمودية لهم!
وهنالك الذين يعطون ولا يعرفون معنى للألم في عطائهم، ولا يتطلبون فرحا، ولا يرغبون في إذاعة فضائلهم، هؤلاء يعطون مما عندهم كما يعطي الريحان عبير العطر في ذلك الوادي!
بمثل أيدي هؤلاء يتكلم الله، ومن خلال عيونهم يبتسم على الأرض!
Unknown page