قلة الاعتداد بالخلوّ من العلم
كان الوليد يلاعب عبد الله بن معاوية بالشطرنج «١»، فاستأذن عليه ثقفي موصوف بالثروة فستر الشطرنج بمنديل. فلمّا دخل وجلس استنطقه فقال: أحفظت القرآن وشيئا من الفقه، قال: لا، قال: أفرويت شيئا من الآثار والأشعار وأيام العرب قال: لا. فكشف الشطرنج، وقال: شاهك فنحن في خلوة.
ودخل حكيم دار رجل خلو من العلم فرأى أثاثا وهيئة فاخرة، وأراد الرجل الداخل أن يبزق بزقة فبزق في وجه الرجل، فقيل له: ما تفعل؟ قال: نظرت فلم أجد في هذه الدار أخسّ منه لخلوّه من المعاني الفاضلة وإنما يرمي بالبزاق إلى أخس المواضع، فلذلك رميت به في وجهه.
تلذّذ العلماء بعلمهم
كان أبو حنيفة ﵀ إذا أخذته هزّة المسائل يقول: أين الملوك من لذة ما نحن فيه لو فطنوا لقاتلونا عليه. وقيل: من خلا بالعلم لم توحشه الخلوة، ومن تسلّى بالكتب لم تفته السلوة.
وقيل لابن المبارك: من تجالس؟ فقال أصحاب النبي ﷺ. إني أنظر في كتب آثارهم وأخبارهم.
التناسب في العلم
قيل لعالم: أي المناسبة أخلد؟، فقال: مناسبة العلم التي غذتها عواطف الشيم.
وقيل للنوفلي: ما بلغ من شهوتك للعلم؟، قال: إذا نشطت فلذّتي وإذا اغتممت فسلوتي. قال أبو تمّام:
وقرابة الآداب تقصر دونها ... عند الأديب قرابة الأرحام «٢»
قال الصّولي:
إنّ الكتابة والآداب قد جمعت ... بيني وبينك يا زين الورى نسبا «٣»
وقيل: لا ينبغي للأديب أن يخالط من لا أدب له، كما لا ينبغي للصّاحي أن يناظر السكران.